للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثالث: عكسه وهو أن عليهما القضاء، ولا إطعام عليهما، وجعلوهما بمنزلة المريض، وهو قول عطاء، والنخعى، والحسن، والزهري، وربيعة، والأوزاعي، وأبى حنيفة، والثوري، وروى ابن عبد الحكم عن مالك مثله، ذكره ابن القصار، وهو قول أشهب.

الرابع: فرقوا بين الحبلى، والمرضع، فقال في الحبلى: "هي بمنزلة المريض تقضى، ولا إطعام عليها، والمرضع تطعم وتقضى"، هذا قول مالك في المدونة، وهو قول الليث. (١)


= والحامل، والمرضع، والشيخ الكبير كلهم مخاطبون بالصوم فصوم رمضان فرض عليهم، فإن خافت المرضع على المرضع قلة اللبن وضيعته لذلك ولم يكن له غيرها، أو لم يقبل ثدي غيرها، أو خافت الحامل على الجنين، أو عجز الشيخ عن الصوم لكبره: أفطروا ولا قضاء عليهم ولا إطعام، فإن أفطروا لمرض بهم عارض فعليهم القضاء.
أما قضاؤهم لمرض فلقول الله تعالى: ﴿فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر﴾ [البقرة: ١٨٤].
وأما وجوب الفطر عليهما في الخوف على الجنين، والرضيع فلقول الله تعالى: ﴿قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم﴾ [الأنعام: ١٤٠]. وقال رسول الله : "من لا يرحم لا يرحم فإذ رحمة الجنين، والرضيع: فرض، ولا وصول إليها إلا بالفطر: فالفطر فرض؛ وإذ هو فرض فقد سقط عنهما الصوم، وإذا سقط الصوم فإيجاب القضاء عليهما شرع لم يأذن الله تعالى به ولم يوجب الله تعالى القضاء إلا على المريض، والمسافر، والحائض، والنفساء، ومتعمد القيء فقط، ﴿ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه﴾ [الطلاق: ١] وأما الشيخ الذي لا يطيق الصوم لكبره فالله تعالى يقول ﴿لا يكلف الله نفسا إلا وسعها﴾ [البقرة: ٢٨٦] فإذا لم يكن الصوم في وسعه فلم يكلفه. وأما تكليفهم إطعاما فقد قال رسول الله : "إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام فلا يجوز لأحد إيجاب غرامة لم يأت بها نص ولا إجماع.
(١) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٤/ ٩٣). بداية المجتهد ونهاية المقتصد (٢/ ٦٢). وانظر: حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح ص ٣٧٥ التجريد للقدوري (٣/ ١٥٠٨). تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (١/ ٣٣٧)
العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (٣/ ٢٤٠)، الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٤٣٤). المغني لابن قدامة (٤/ ٣٩٤ ت التركي).

<<  <   >  >>