للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شرط، فلو برئ من المرض، لكن الضعف باق وخاف أن يمرض سئل عنه القاضي الإمام فقال: الخوف ليس بشيء (١).

وهكذا في نصوص المالكية كما يفهم من شرطهم وتمثيلهم بتعليق الخوف بالهلاك الشديد والأذي كتعطيل منفعة سمع، أو بصر، أو غيرهما فقالوا: ووجب الفطر لمريض وصحيح (إن خاف) على نفسه بصومه (هلاكا، أو شديد أذى) كتعطيل منفعة من سمع، أو بصر، أو غيرهما لوجوب حفظ النفس (٢).

وهذا لا يكون إلا عن خبر طبيب، أو تجربة. فيعطى حكم المريض.

وكذلك ما جاء في نصوص الحنابلة: "أَوْ كَانَ صحيحًا فَمَرِضَ فِي يَوْمِهِ، أو خَافَ مَرَضًا لأَجْلِ عَطَشٍ، أو غَيْرِهِ" (٣)، فهذا دليل على أن الشخص إن خاف مرضا محققًا، أو ضررًا بينًا بتقرير طبي، أو معلومية شخصية صحيحة منه مبنية على التجربة لا مجرد الخوف المطلق.

وإلا فإنها تخمينات وأوهام فلا نسقط التكليف عن أحد إلا بأمر شرعي.

فهذا المتوهم، أو الخائف ليس ممن شملهم العذر فإن الله قال: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا﴾ [البقرة: ١٨٥] وهذا يشمل المريض حقيقة لا بما يظن حصوله في المستقبل.

إلا في حال قرر الطبيب الخبير ذلك بما ظهر له من الفحوصات الطبية والإجراءات المعروفة فإنه يتبين حينئذ أن هذا الشخص على خلاف الطبيعة؛ لأن الصوم لا يحصل به مرض عادة؛، وإلا لكان من تكليف ما لا يطاق؛


(١) فتح القدير للكمال ابن الهمام وتكملته ط الحلبي (٢/ ٣٥١).
(٢) الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (١/ ٥٣٥)
(٣) كشاف القناع ٢/ ٣١٠

<<  <   >  >>