للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرؤية من الجميع مستحيلة عادة قام البعض مقامهم ضرورة، وعليه عمل الرسول والصحابة والأمة فلو رآه من تصح رؤيته لزم الجميع.

ويعارضه ظاهرًا حديث كريب: ﴿أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل علي رمضان، وأنا بالشام، فرأيت الهلال ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم؟ فقلت: رأيناه ليلة الجمعة. فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم. ورآه الناس وصاموا، وصام معاوية فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية وصيامه، فقال: لا. هكذا أمرنا رسول الله (١). فدل ظاهره على القول بتعدد الرؤية.

ولا يعارضه ﴿صوموا لرؤيته﴾ بل يصدق عليه في واقعهم الماضي لامتناع بلوغ الخبر من الشام إلى المدينة ليلة الرؤية فالإشكال القديم كان مبنيا على تعذر وصول الخبر من إقليم إلى إقليم

فكان لكل بلد رؤيتهم والنص ﴿صوموا لرؤيته﴾ يشمله لأنهم صاموا لرؤيته ولا يصل إليهم رؤية غيرهم أو إتمامهم في زمن يمكن بناء الحكم عليه.

ولهذا ففتوى الشافعية من جهة التنزيل المتقدم في زمنهم واقعية؛ حيث ذهب إلى أن لكل رؤيتهم.

وفتوى المذاهب الثلاثة والظاهرية من جهة العموم ظاهرة؛ حيث ذهبوا إلى أن الرؤية الواحدة تلزم الكل.

وحديث كريب الذي استدل به ابن عباس على استقلال الشام برؤية والمدينة برؤية ليس صريحًا في المسألة؛ لأن قوله (هكذا أمرنا) يحتمل أنه حديث ﴿صوموا لرؤيته﴾؛ لأنه لم يرد نص واحد من قول النبي


(١) مسلم (٢/ ٧٦٥).

<<  <   >  >>