للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

ومثل صنيع عبيد الله بن زياد صنع قبله بشر بن أرطاة العامري الذي هتك الإسلام، وسفك الدم الحرام، وأذاق الناس الموت الزؤام، ولم يدع لرسول الله الذمام، فقتل أهل بيته الكرام، وحكم في مفارقهم الحسام، وعجل لهم الحمام، ذبح ابني عبيد الله ابن عباس بن عبد المطلب وهما صغيران، بين يدي أمهما يمرحان، وهما قثم وعبد الرحمن، فوسوست أمهما وأصابها ضرب من الجان لما أشعله الثكل في قلبها من لهب النيران. روى أبو بكر بن أبي شيبة في «مصنفه» في حديث فيه طول: كان أبو ذر الغفاري صاحب رسول الله يتعوّد من شر يوم البلاء ويوم العورة، في صلاة صلاّها أطال قيامها وركوعها وسجودها، قال: فسألناه مم تعوذت وفيم دعوت؟ فقال تعوذت من يوم البلاء ويوم العورة، فإن نساء من المسلمات ليسبين ليكشف عن سوقهن، فأيتهن كانت أعظم ساقا اشتريت على عظم ساقها، فدعوت الله ﷿ أن لا يدركني هذا الزمان ولعلكما تدركانه.

وذكر أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد المؤمن، أنبأنا أبو محمد إسماعيل بن محمد الحبطلي ببغداد في «تاريخه الكبير» حدثنا محمد بن مؤمن بن حماد، قال: حدثنا سلمان بن شيخ، قال:

حدثنا محمد بن عبد الحكم عن عوانة، قال: أرسل معاوية بعد تحكيم الحكمين بسر بن أرطاة في جيش فساروا من الشام حتى قدموا المدينة، وعامل المدينة يومئذ لعلي أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله ، ففر أبو أيوب ولحق بعليّ . ودخل بسر المدينة فصعد منبرها فقال: أين شيخي الذي عهدته هنا بالأمس، يعني عثمان بن عفان، ثم قال: يا أهل المدينة والله لولا ما عهدته إلى معاوية ما تركت فيها محتلما إلا قتلته، ثم أمر أهل المدينة بالبيعة لمعاوية، وأرسل إلى بني سلمة، فقال: ما لكم عندي أمان ولا مبايعة، حتى تأتوني بجابر بن عبد الله فأخبر جابر فانطلق حتى جاء الشام فأتى أم سلمة زوج النبي ، فقال لها: ماذا ترين؟ فإني خشيت أن أقتل وهذه بيعة ضلالة، فقالت:

أرى أن تبايع وقد أمرت ابني عمر بن أبي سلمة أن يبايع، فأتى جابر بسرا فبايعه لمعاوية وهدم بسر دورا بالمدينة، ثم انطلق حتى أتى مكة وبها أبو موسى الأشعري فخاف أبو موسى على نفسه أن يقتله فهرب، فقيل ذلك لبسر، فقال: ما كنت لأقتله وقد خلع عليّا، ولم يطلبه. وكتب أبو موسى إلى اليمن أن خيلا مبعوثة من عند معاوية تقتل من الناس من أبي أن يقرّ بالحكومة، ثم مضى بسر إلى اليمن وعامل اليمن لعلي عبيد الله بن العباس، فلما بلغه أمر بسر فرّ إلى

<<  <  ج: ص:  >  >>