للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبي سعيد الخدري عن النبي قال: «من مات من أهل الجنة من صغير وكبير يردّون بني ثلاثين في الجنة، لا يزيدون عليها ولا ينقصون، وكذلك أهل النار» (١).

قال: حديث غريب، لا نعرفه إلا من حديث رشدين.

[فصل]

في حديث أبي هريرة: «لكل واحد منهم زوجتان»، وقد تقدم من حديث عمران بن حصين «أن أقل ساكني الجنة النساء».

قال علماؤنا: لم يختلفوا في جنس النساء، وإنما اختلفوا في نوع من الجنس، وهو نساء الدنيا ورجالها أيهما أكثر في الجنة، فإن كانوا اختلفوا في المعنى الأول، وهو جنس النساء مطلقا؛ فحديث أبي هريرة حجة، وإن كانوا اختلفوا في نوع من الجنس وهم أهل الدنيا؛ فالنساء في الجنة أقل.

قلت: يحتمل أن يكون هذا في وقت كون النساء في النار، وأما بعد خروجهن في الشفاعة ورحمة الله تعالى حتى لا يبقى فيها أحد ممن قال لا إله إلا الله؛ فالنساء في الجنة أكثر، وحينئذ يكون لكل واحد منهم زوجتان من نساء الدنيا، وأما الحور العين فقد تكون لكل واحد منهم الكثير منهم.

وفي حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : «إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة» (٢). ذكره الترمذي وقال فيه:

حديث غريب.

ومثله حديث أبي أمامة؛ خرّجه أبو محمد الدارمي، وسيأتي، والأخبار دالة على هذا.

وقوله: «وأمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألوة»؛ قد يقال هنا: أي حاجة في الجنة للامتشاط، ولا تتلبد شعورهم، ولا تتسخ؟ وأي حاجة للبخور؛ وريحهم أطيب من المسك؟

ويجاب عن ذلك: بأن نعيم أهل الجنة وكسوتهم ليس عن دفع ألم اعتراهم، فليس أكلهم عن جوع، ولا شربهم عن ظمأ، ولا تطيبهم عن نتن، وإنما هي لذّات متوالية ونعم متتابعة، ألا ترى قوله تعالى لآدم: ﴿إِنَّ لَكَ أَلاّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى * وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى﴾ [طه: ١١٨، ١١٩] وحكمة ذلك أن الله تعالى نعمهم في الجنة بنوع ما كانوا يتنعّمون به في الدنيا، وزادهم على ذلك ما لا يعلمه إلا الله ﷿.


(١) أخرجه الترمذي (٢٥٦٢)، وضعّفه الألباني.
(٢) أخرجه الترمذي (٢٥٦٢)، وضعّفه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>