للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال المؤلف : وقد روى عكرمة، عن ابن عباس تكذيب كعب الأحبار في قوله، وقال: هذه يهودية يريد إدخالها في الإسلام، والله أكرم وأجل من أن يعذب على طاعته، ألم تر إلى قوله تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ﴾ [إبراهيم: ٣٣] يعني: دءوبهما في طاعته، فكيف يعذّب عبدين أثنى الله عليهما أنهما دائبان في خدمته وطاعته؟ ثم حدث عن رسول الله : «إن الله تعالى لما أبرم خلقه إحكاما ولم يبق غير آدم؛ خلق شمسا وقمرا من نور عرشه». الحديث، وفي آخره: «فإذا قامت الساعة وقضى الله في أهل الدارين وميّز أهل الجنة والنار، ولم يدخلوها بعد أن يدعو الله بالشمس والقمر، يجاء بهما أسودين مكوّرين قد وقفا في الزلازل، لأن فرائصهما ترعد من أهوال ذلك اليوم من مخافة الرحمن ، فإذا كانا حيال العرش خرّا ساجدين لله تعالى، فيقولان: إلهنا قد علمت طاعتنا لك ودأبنا في طاعتك، وسرعتنا للمضي في أمرك في أيام الدنيا، فلا تعذّبنا بعبادة المشركين إيانا، فيقول الله تعالى: صدقتما، إني قد قضيت على نفسي أني أبدئ وأعيد، إني معيدكما إلى ما بدأتكما منه فارجعا إلى ما خلقتكما منه، فيقولان: ربنا ممّ خلقتنا؟ فيقول: خلقتكما من نور عرشي، فارجعا إليه. فيلتمع من كل واحد منهما برقة تكاد تخطف الأبصار نورا، فيختلطان بنور العرش، فذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ﴾ [البروج: ١٣]» (١).

ذكره الثعلبي في كتاب «العرائس» له، والله أعلم.

***

١٥٤ - باب ما جاء في صفة جهنم وحرّها وشدّة عذابها

(الترمذي) عن أبي هريرة، عن النبي قال: «أوقد على النار ألف سنة حتى احمرّت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضّت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودّت، فهي سوداء مظلمة» (٢). قال أبو عيسى: وحديث أبي هريرة في هذا الباب موقوف أصح، ولا أعلم أحدا رفعه غير يحيى بن أبي بكير، عن شريك.

(ابن المبارك) عن أبي هريرة قال: «إن النار أوقدت ألف سنة فابيضّت، ثم


(١) أخرجه الثعلبي في «عرائس المجالس» ص ١٨ - ٢٤، وابن جرير الطبري في «تاريخه» (١/ ٦٥ - ٧٥) وأبو الشيخ في «العظمة» (٤/ ١١٦٣ - ١١٧٩/ ٦٤٣) وابن الجوزي في «الموضوعات» (٢٩٠/ ١/٢٠٤) - من طريق أخرى -، والخبر موضوع؛ انظر «تنزيه الشريعة» (١/ ١٧٩ - ١٨٩).
(٢) أخرجه الترمذي (٢٥٩١)، وضعّفه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>