للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشد بلاء: أنتم أم أيوب؟ فيقولون: بل أيوب. فيقال لهم: ما شغله ذلك عن حقنا والدأب لذكرنا، ثم ينادي: أين الشباب العطرة والمماليك فتقول الشباب: أعطانا الله جمالا وحسنا فتنّا به فكنا مشغولين عن القيام بحقه، وكذلك المماليك فيقولون: شغلنا رق العبودية في الدنيا فيقال لهم: أنتم أكثر جمالا أم يوسف . فلقد كان في رق العبودية ما شغله ذلك عن القيام بحقنا ولا الدأب لذكرنا ثم ينادي: أين الفقراء؟ فيؤتى بهم أنواعا فيقال لهم: ما شغلكم عن عبادة الله تعالى؟ فيقولون: ابتلانا الله في دار الدنيا بفقر شغلنا فيقال لهم: من أشد فقرا. أنتم أم عيسى ، فيقولون:

بل عيسى. فيقول لهم: «ما شغله ذلك عن القيام بحقنا والدأب لذكرنا» فمن بلي بشيء من هذه الأربع فليذكر صاحبه.

[فصل]

وقوله: «هذه غدرة فلان ابن فلان»؛ دليل على أن الناس يدعون في الآخرة بأسمائهم وأسماء آبائهم، وقد تقدم هذا في غير موضع، وفي هذا ردّ على من قال إنما يدعون بأسماء أمهاتهم لأن في ذلك سترا على آبائهم، وهذا الحديث خلاف قولهم: خرجه البخاري ومسلم وحسبك.

[فصل]

وقوله: «فيكوى بها جنبه» الحديث، إنما خص الجنب والجبهة والظهر بالكي لشهرته في الوجه وشناعته، وفي الجنب والظهر لأنه آلم وأوجع، وقيل: خص الوجه لتقطيبه في وجه السائل أولا والجنب لازوراره عن السائل ثانيا، والظهر لانصرافه إذا زاد في السؤال وأكثر منه، فرتب الله تعالى هذه العقوبات في هذه الأعضاء لأجل ذلك والله أعلم.

وقالت الصوفية: لما طلبوا الجاه والمال شان الله وجوههم، ولما طووا كشحا عن الفقير إذا جالسهم كويت جنوبهم، ولما أسندوا ظهورهم إلى أموالهم ثقة بها واعتمادا عليها كويت ظهورهم.

[فصل]

وقوله: ﴿فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [المعارج: ٤] قيل معناه لو حاسب فيها غير الله تعالى وإنما هو يفرغ منه في مقدار نصف نهار من أيام الدنيا وفيها قدر مواقفهم للحساب عن الحسن، وقال ابن اليمان: كل موقف منها ألف سنة.

وفي الحديث عن النبي قال: «والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>