وقد جاء أن كفّة الحسنات من نور، والأخرى من ظلام، والكفة النيرة للحسنات، والكفة المظلمة للسيئات. وجاء في الخبر: أن الجنة توضع عن يمين العرش، والنار عن يسار العرش، ويؤتى بالميزان فينصب بين يدي الله تعالى، كفة الحسنات عن يمين العرش مقابل الجنة، وكفة السيئات عن يسار العرش مقابل النار. وذكره الترمذي الحكيم في «نوادر الأصول».
وروي فيها عن سلمان الفارسي ﵁ أنه قال:«توضع الموازين يوم القيامة، فلو وضعت فيهن السموات والأرض لوسعتهن، فتقول الملائكة: يا ربنا ما هذا؟ فيقول: أزن به لمن شئت من خلقي. فتقول الملائكة عند ذلك: ربنا ما عبدناك حق عبادتك». وقال ابن عباس ﵄:«توزن الحسنات والسيئات في ميزان له لسان وكفتان».
قال علماؤنا: ولو جاز حمل الميزان على ما ذكروه، لجاز حمل الصراط على الدين الحق، والجنة والنار على ما يرد على الأرواح دون الأجساد من الأحزان والأفراح، والشياطين والجن على الأخلاق المذمومة، والملائكة على القوى المحمودة، وهذا كله فاسد لأنه رد لما جاء به الصادق، وفي الصحيحين:
«فيعطى صحيفة حسناته» وقوله: «فيخرج له بطاقة». وذلك يدل على الميزان الحقيقي، وأن الموزون صحف الأعمال كما بينا وبالله توفيقنا.
ولقد أحسن من قال:
تذكّر يوم تأتي الله فردا … وقد نصبت موازين القضاء
وهتّكت الستور عن المعاصي … وجاء الذنب منكشف الغطاء
[فصل]
قال علماؤنا ﵏: الناس في الآخرة ثلاث طبقات؛ متقون لا كبائر لهم، ومخلطون؛ وهم الذين يوافون بالفواحش والكبائر، والثالث: الكفار.
فأما المتقون؛ فإن حسناتهم توضع في الكفة النيرة، وصغائرهم إن كانت لهم في الكفة الأخرى، فلا يجعل الله لتلك الصغائر وزنا، وتثقل الكفة النيرة حتى لا تبرح وترتفع المظلمة ارتفاع الفارغ الخالي.
وأما المخلطون؛ فحسناتهم توضع في الكفة النيرة، وسيئاتهم في الكفة المظلمة، فيكون لكبائرهم ثقل، فإن كانت الحسنات أثقل ولو بصؤابة (١) دخل