للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا نعرف للحسن سماعا من عتبة بن غزوان، وإنما قدم عتبة بن غزوان البصرة في زمن عمرو ولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر.

(ابن المبارك) قال: أخبرنا يونس بن يزيد، عن الزهري، قال: بلغنا أن معاذ بن جبل كان يحدث أن رسول الله قال: «والذي نفس محمد بيده، إن ما بين شفة النار وقعرها لصخرة زنة سبع خلفات بشحومهن ولحومهن وأولادهن، تهوي من شفة النار قبل أن تبلغ قعرها سبعين خريفا» (١).

حدّثنا هشيم بن بشير، قال: أخبرني زفر، حدّثنا ابن أبي مريم الخزاعي، قال:

سمعت أبا أمامة يقول: إن ما بين شفير جهنم وقعرها مسيرة سبعين خريفا من حجر يهوي، أو قال: صخرة تهوي، عظمها كعشر عشراء عظام سمان. فقال لي مولى لعبد الرحمن بن خالد: هل تحت ذلك من شيء يا أبا أمامة؟ قال: نعم؛ غي وآثام (٢).

(مسلم) عن خالد بن عمير العدوي قال: خطبنا عتبة بن غزوان وكان أميرا على البصرة فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد فإن الدنيا قد أذنت بصرم وولت جدا ولم يبق منها إلا صبابة كصبابة الإناء، يتصابّها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا بخير ما بحضرتكم، فإنه ذكر لنا أن الحجر ليلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاما، لا يدرك لها قعرا والله لتملأن أفعجبتم؟ (٣) الحديث. وسيأتي بتمامه في أبواب الجنة - إن شاء الله تعالى.

وقال كعب: لو فتح من نار جهنم قدر منخر ثور بالمشرق ورجل بالمغرب لغلى دماغه، حتى يسيل من حرها، وإن جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا خرّ جاثيا على ركبتيه، ويقول: نفسي نفسي.

[فصل]

قوله: «اشتكت النار»: شكواها إلى ربها بأن أكل بعضها بعضا، محمول على الحقيقة لا على المجاز، إذ لا إحالة في ذلك. وليس من شرط الكلام عند أهل السنة في القيام بالجسم إلا الحياة، وأما البنية واللسان والبلة فليس من شرطه، وليس يحتاج في الشكوى إلى أكثر من وجود الكلام. وأما الاحتجاج في قوله : «احتجت النار والجنة» فلا بد فيه من العلم والتفطن للحجة. وقيل: إن ذلك مجاز عبّر عنه بلسان الحال، كما قال عنترة:


(١) أخرجه نعيم بن حماد في زوائد «الزهد» (٣٠١) والحاكم (٤/ ٥٩٧) بإسناد صحيح.
(٢) أخرجه نعيم بن حماد في زوائد «الزهد» (٣٠٢).
(٣) أخرجه مسلم (٢٩٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>