للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس هذا يوم سجود؛ هذا يوم الثواب والعقاب، وتقول البهائم: هذا سجود شكر؛ حيث لم يجعلنا الله من بني آدم. ويقال: إن الملائكة تقول للبهائم: لم يحشركم الله جل ثناؤه لثواب ولا لعقاب، وإنما يحشركم تشهدون فضائح بني آدم. ذكره القشيري في اسمه المقسط الجامع، وهذا قول ثابت فتأمله.

[فصل]

ظن بعض العلماء أن الصيام مختص بعامله موفرا له أجره، لا يؤخذ منه شيء لمظلمة ظلمها متمسكا بقوله تعالى: «الصيام لي وأنا أجزي به» (١). وأحاديث هذا الباب ترد قوله، وأن الحقوق تؤخذ من سائر الأعمال صياما كان أو غيره.

وقيل: إن الصوم إذا لم يكن معلوما لأحد ولا مكتوبا في الصحف؛ هو الذي يستره الله ويخبؤه عليه، حتى يكون له جنّة من العذاب، فيطرحون أولئك عليه سيئاتهم فيذهب عنهم ويقيه الصوم، فلا يضر أصحابها لزوالها عنهم، ولا له لأن الصوم جنته. قال القاضي أبو بكر بن العربي في «سراج المريدين»: وهو تأويل حسن إن شاء الله تعالى، ولا تعارض؛ والحمد لله.

[باب]

(أبو داود) عن صفوان بن سليم، عن عدة من أبناء أصحاب النبي عن آبائهم عن رسول الله قال: «ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه في حقّه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة» (٢). صححه أبو محمد عبد الحق.

***

[٩٦ - باب في إرضاء الله تعالى الخصوم يوم القيامة]

روينا في الأربعين وذكره ابن أبي الدنيا في كتاب «حسن الظن بالله تعالى» عن أبي هريرة قال: بينما رسول الله ذات يوم جالس إذ رأيته ضحك حتى بدت ثناياه. فقيل له: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: «رجلان من أمتي جثيا بين يدي ربي ﷿ فقال أحدهما: يا رب خذ لي مظلمتي من أخي.


(١) أخرجه البخاري (١٨٩٤) ومسلم (١١٥١).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٠٥٢) وهو في «الصحيحة» برقم (٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>