للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكاء النساء عند القبر، ولو كان بكاؤهن وزيارتهن حراما لنهى النبي المرأة ولزجرها زجرا يزجر مثله من أتى محرما وارتكب منهيّا. وما روي من نهي النساء عن زيارة القبور فغير صحيح، والصحيح ما ذكرت لك من الإباحة. إلا أن عمل النساء في خروجهن مما لا يجوز لهن من تبرج أو كلام أو غيره فذلك المنهي عنه. وقد ذكرت لك في الباب قبل، الفرق بين المتجالّة والشابة؛ فتأمله. وقد أبيح لك أن تبكي عند قبر ميّتك حزنا عليه أو رحمة له مما بين يده، كما أبيح لك البكاء عند موته، والبكاء عند العرب يكون البكاء المعروف، وتكون النياحة، وقد يكون معهما الصياح وضرب الخدود وشق الجيوب، وهذا محرم بإجماع العلماء، وهو الذي ورد فيه الوعيد من قوله : «أنا برئ ممن حلق وسلق وخرق» خرّجه مسلم (١).

وأما البكاء من غير نياحة فقد ورد فيه الإباحة عند القبر، وعند الموت، وهو بكاء الرأفة والرحمة التي لا يكاد يخلو منها إنسان. وقد بكى النبيّ لما مات ابنه إبراهيم (٢). وقال عمر: «دعهن يبكين على أبي سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقة».

النقع: ارتفاع الصوت، واللقلقة: تتابع ذلك. وقيل: النقع؛ وضع التراب على الرأس. والله أعلم.

***

[٦ - باب المؤمن يموت بعرق الجبين]

(ابن ماجه) عن بريدة أن النبي قال: «المؤمن يموت بعرق الجبين» (٣) خرجه الترمذي وقال فيه: حديث حسن.

وروي عن سلمان الفارسي قال: سمعت رسول الله يقول:

«ارقبوا للميت عند موته ثلاثا؛ إن رشح جبينه، وذرفت عيناه، وانتشر منخراه، فهي رحمة من الله قد نزلت به، وإن غطّ غطيط البكر المخنوق، وخمد لونه، وازبد شدقاه، فهو


(١) في «صحيحه» (١٠٤).
(٢) انظر «صحيح البخاري» رقم (١٣٠٣).
(٣) أخرجه أحمد (٥/ ٣٥٧) والنسائي (٤/ ٦) والترمذي (٩٨٢) وابن ماجه (١٤٥٢). وهو في «صحيح الجامع» رقم (٦٦٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>