للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حماد بن سلمة، قال: حدّثنا علي بن زيد، عن أبي نضرة قال: خطبنا ابن عباس على منبر البصرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: قال رسول الله : «ما من نبيّ إلا وله دعوة كلهم قد تنجزها في الدنيا، وإني ادخرت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، ألا وإني سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد تحته آدم ومن دونه ولا فخر، ويشتد كرب ذلك اليوم على الناس فيقولون: انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر فيشفع لنا إلى ربنا ﷿ حتى يقضي بيننا».

الحديث وفيه: «فيأتون عيسى فيقولون اشفع لنا إلى ربّنا حتى يقضي بيننا، فيقول: إني لست هناكم إني اتّخذت وأمي إلهين من دون الله، ولكن أرأيتم لو أن متاعا في وعاء قد ختم عليه أكان يوصل إلى ما في الوعاء، حتى يفضّ الخاتم؟ فيقولون: لا.

فيقول: إن محمدا قد خصه اليوم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال رسول الله : فيأتيني الناس فيقولون اشفع لنا إلى ربّنا حتى يقضي بيننا فأقول: أنا لها حتى يأذن الله لمن يشاء ويرضى، فإذا أراد الله أن يقضي بين خلقه نادى مناد: أين محمد وأمته؟ فأقوم وتتبعني أمتي غرّا محجّلين من أثر الطّهور. قال رسول الله : فنحن الآخرون الأولون وأول من يحاسب ويفرج لنا في الأمم عن طريقنا ويقولون: كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها» (١) وذكر الحديث.

وفي البخاري عن ابن عمر قال: «إن الناس يصيرون يوم القيامة جثيا كل أمة تتبع نبيها تقول: يا فلان! اشفع، يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي ، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود» (٢).

وروى الترمذي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله في قوله: ﴿عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً﴾ [الإسراء: ٧٩] سئل عنها قال: «هي الشفاعة» (٣). قال هذا حديث صحيح.

[فصل]

قوله: «فيفزع الناس ثلاث فزعات»؛ إنما ذلك والله أعلم حين يؤتى بالنار تجر بأزمّتها، وذلك قبل العرض والحساب على الملك الديان، فإذا نظرت إلى الخلائق فارت وثارت وشهقت إلى الخلائق وزفرت نحوهم، وتوثبت عليهم غضبا لغضب ربهم ﷿، على ما يأتي بيانه في كتاب النار إن شاء الله تعالى - فتتساقط


(١) أخرجه الطيالسي في «مسنده» (٢٧١١).
(٢) أخرجه البخاري (٤٧١٨).
(٣) أخرجه الترمذي (٣١٣٧) وهو حديث حسن بشواهده.

<<  <  ج: ص:  >  >>