للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميت في قبره حين يوضع فيه إلى جواب السؤال، ويذكر بذلك فيقال له: قل الله ربي، والإسلام ديني، ومحمد رسولي، فإنه عن ذلك يسأل. كما جاءت الأخبار على ما يأتي إن شاء الله. وقد جرى العمل عندنا بقرطبة كذلك، فيقال: قل هو محمد رسول الله؛ وذلك عند هيل التراب، ولا يعارض هذا بقوله: ﴿وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [فاطر: ٢٢]، وقوله: ﴿إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى﴾ [النمل: ٨٠] لأن النبي قد نادى أهل القليب وأسمعهم وقال: «ما أنتم بأسمع منهم، ولكنهم لا يستطيعون جوابا» (١). وقد قال في الميت: «إنه ليسمع قرع نعالهم» (٢). وأن هذا يكون في حال دون حال، ووقت دون وقت، وسيأتي استيفاء هذا المعنى في باب «ما جاء أن الميت يسمع ما يقال» إن شاء الله.

***

[٤٥ - باب في نسيان أهل الميت ميتهم وفي الأمل والغفلة]

(أبو هدبة) إبراهيم بن هدبة قال: حدّثنا أنس بن مالك قال: قال رسول الله : «إن مشيعي الجنازة قد وكل بهم ملك، فهم مهتمون محزونون، حتى إذا أسلموه في ذلك القبر، ورجعوا راجعين؛ أخذ كفّا من تراب فرمى به وهو يقول: ارجعوا إلى دياركم أنساكم الله موتاكم، فينسون ميتهم ويأخذون في شرائهم وبيعهم، كأنهم لم يكونوا منه، ولم يكن منهم» (٣).

ويروى «أن الله ﷿ لما مسح على ظهر آدم فاستخرج ذريته قالت الملائكة: رب لا تسعهم الأرض، قال الله تعالى: إني جاعل موتا، قالت: رب لا يهنيهم العيش. قال: إني جاعل أملا».

فالأمل رحمة من الله تعالى ينتظم به أسباب المعاش، ويستحكم به أمور الدنيا، ويتقوى به الصانع على صنعته، والعابد على عبادته، وإنما يذم من الأمل ما امتد وطال، حتى أنسى العاقبة، وثبط عن صالح الأعمال. قال الحسن: «الغفلة


(١) جزء من حديث أخرجه البخاري (٣٩٧٦) ومسلم (٢٨٧٥).
(٢) أخرجه البخاري (١٣٣٨، ١٣٧٤) ومسلم (٢٨٧٠).
(٣) لا يصح؛ إبراهيم بن هدبة تقدّم أنه متروك.

<<  <  ج: ص:  >  >>