الجنة، وإن كانت السيئات أثقل ولو بصؤابة دخل النار، إلا أن يغفر الله، وإن تساويا كان من أصحاب الأعراف على ما يأتي. هذا إن كانت الكبائر فيما بينه وبين الله، وأما إن كانت عليه تبعات، وكانت له حسنات كثيرة، فإنه ينقص من ثواب حسناته بقدر جزاء السيئات، لكثرة ما عليه من التبعات، فيحمل عليه من أوزار من ظلمه ثم يعذب على الجميع، هذا ما تقتضيه الأخبار على ما تقدم ويأتي.
وقال أحمد بن حرب: تبعث الناس يوم القيامة على ثلاث فرق؛ فرقة أغنياء بالأعمال الصالحة وفرقة فقراء وفرقة فقراء وفرقة أغنياء ثم يصيرون فقراء مفاليس في شأن التبعات.
وقال سفيان الثوري:«إنك أن تلقى الله ﷿ بسبعين ذنبا فيما بينك وبينه، أهون عليك من أن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد».
قال المؤلف: هذا صحيح لأن الله غني كريم، وابن آدم فقير مسكين، محتاج في ذلك اليوم إلى حسنة يدفع بها سيئة إن كانت عليه، حتى ترجح ميزانه فيكثر خيره وثوابه.
وأما الكافر؛ فإنه يوضع كفره في الكفة المظلمة ولا يوجد له حسنة توضع في الكفة الأخرى، فتبقى فارغة لفراغها وخلوها عن الخير، فيأمر الله بهم إلى النار ويعذب كل واحد منهم بقدر أوزاره وآثامه.
وأما المتقون؛ فإن صغائرهم تكفّر باجتنابهم الكبائر، ويؤمر بهم إلى الجنة ويثاب كل واحد منهم بقدر حسناته وطاعته، فهذان الصنفان هما المذكوران في القرآن في آيات الوزن، لأن الله تعالى لم يذكر إلا من ثقلت موازينه ومن خفت موازينه، وقطع لمن ثقلت موازينه بالإفلاح والعيشة الراضية، ولمن خفت موازينه بالخلود في النار بعد أن وصفه بالكفر، وبقي الذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فبينهم النبي ﷺ حسب ما ذكرنا.
وإنما توزن أعمال المتقي لإظهار فضله، كما توزن أعمال الكافر لخزيه وذله، فإن أعماله توزن تبكيتا له على فراغه وخلوه عن كل خير، فكذلك توزن أعمال المتقي تحسينا لحاله وإشارة لخلوه من كل شر، وتزيينا لأمره على رؤوس الأشهاد. وأما المخلط السيئ بالصالح فإن دخل النار فيخرج بالشفاعة، على ما يأتي.
[فصل]
فإن قيل: أخبر الله عن الناس أنهم محاسبون مجزيون، وأخبر أنه يملأ جهنم من الجنّة والناس أجمعين، ولم يخبر عن ثواب الجن ولا عن حسابهم بشيء، فما القول في ذلك عندكم، وهل توزن أعمالهم؟