أن يراه أحد من خلقه بعد رؤية القيامة، حتى يأذن لهم بدخول جنة عدن، فإذا دخلوها أراد أن يروه فيروه وهم في جنة عدن. قال معناه البيهقي وغيره.
وليست العظمة والكبرياء من جنس الثياب المحسوسة، وإنما هي توسعات، ووجه المناسبة أن الرداء والإزار لما كانا ملازمين للإنسان مخصوصين به، ولا يشاركه فيهما غيره؛ عبّر عن عظمته وكبريائه بهما، لأنهما مما لا يجوز مشاركة الله تعالى فيهما، ألا ترى آخر الحديث:«فمن نازعني واحدا منهما قصمته ثم قذفته في النار».
***
[٢١٦ - باب منه، وفي سلام الله تعالى عليهم]
روى محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، أن النبي ﷺ قال:«بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور من فوقهم، فإذا الربّ سبحانه قد أشرف عليهم، فقال:
السلام عليكم يا أهل الجنة، وذلك قوله تعالى: ﴿سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ [يس: ٥٨] قال: فإذا نظروا إليه نسوا نعيم الجنة، حتى يحتجب عنهم، فإذا احتجب عنهم بقي نوره وبركته عليهم في ديارهم» (١).
[فصل]
قوله:«قد أشرف عليهم» أي: اطّلع، كما يقال: فلان مشرف عليك، أي: مطّلع عليك من مكان عال، والله تعالى لا يوصف بالمكان من جهة الحلول والتمكّن، وإنما يوصف من جهة العلوّ والرفعة، فعبّر عن اطلاعهم عليهم ونظره إليهم بالإشراف، ولما كان سبحانه قائلا متكلما وكان الكلام له صفة في ذاته، لم يزل ولا يزال، فهو يسلّم عليهم سلاما هو قول منه، كما قال تعالى: ﴿سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾.
وقوله:«فإذا نظروا إليه نسوا نعيم الجنة» أي: لهوا عنه بلذة النظر إلى وجهه الكريم، وذلك أن ما دون الله تعالى لا يقاوم تجليه، ولولا أن الله تعالى يثبّتهم ويبقيهم لحلّ بهم ما حلّ بالجبل حين تجلّى له.
وقوله:«حتى يحتجب عنهم»؛ يجوز أن يكون معناه: حتى يردّهم إلى نعيم الجنة الذي نسوه، وإلى حظوظ أنفسهم وشهواتها التي سهوا عنها، فانتفعوا بنعيم