للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٥٧ - باب ما جاء أن البهائم تسمع عذاب القبر]

(مسلم) عن زيد بن ثابت قال: بينما النبي في حائط لبني النجار على بغلة له، ونحن معه؛ إذ حادت به فكادت تلقيه، وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة، كذا كان الجريري يقول، فقال: «من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟» فقال رجل: أنا.

قال: «فمتى مات هؤلاء» قال: ماتوا في الإشراك. فقال: «إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع» (١).

وخرّج أيضا عن عائشة أنها قالت: «دخلت عليّ عجوزان من عجائز يهود المدينة، فقالتا: إن أهل القبور يعذّبون في قبورهم. قالت: فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما». فخرجتا ودخل عليّ رسول الله . فقلت: يا رسول الله؛ إن عجوزين من عجائز يهود المدينة قالتا: إن أهل القبور يعذّبون في قبورهم. قال النبي : «صدقتا، إنهم يعذّبون عذابا تسمعه البهائم»، قالت: فما رأيته بعد في صلاة إلاّ يتعوّذ من عذاب القبر. خرّجه البخاري أيضا وقال: «تسمعه البهائم كلّها» (٢).

وخرج هناد بن السري في «زهده»: حدّثنا وكيع، عن الأعمش، عن شقيق، [عن مسروق] (٣)، عن عائشة قالت: «دخلت عليّ يهودية فذكرت عذاب القبر فكذّبتها». فدخل النبي عليّ فذكرت ذلك له، فقال النبي :

«والذي نفسي بيده إنهم ليعذّبون في قبورهم حتى تسمع البهائم أصواتهم» (٤).

[فصل]

قال علماؤنا: وإنما حادت به البغلة لما سمعت من صوت المعذّبين، وإنما لم يسمعه من يعقل من الجن والإنس؛ لقوله : «لولا أن لا تدافنوا» (الحديث)، فكتمه الله سبحانه عنا حتى نتدافن بحكمته الإلهية، ولطائفة الربانية، لغلبة الخوف عند سماعه فلا نقدر على القرب من القبر للدفن، أو يهلك الحي عند سماعه،


(١) أخرجه مسلم (٢٨٦٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٣٧٢، ٦٣٦٦) ومسلم (٥٨٦).
(٣) ما بين المعقوفتين ساقط من المطبوع، واستدركناه من «المسند» للإمام أحمد.
(٤) أخرجه هناد في «الزهد» رقم (٣٤٧) وأخرجه أحمد (٦/ ٤٥ - ٤٦، ٢٠٥)، وانظر ما قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>