للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ورد في الخبر عن النبي : «إن الملك يتباعد عن الرجل عند الكذبة يكذبها ميلين من نتن ما جاء به» (١). وكذلك كل معصية لله تؤذي الملك الموكل به.

فيجوز أن يموت العبد وهو مصر على معاصي الله غير تائب منها ولا مكفر عنه خطاياه، فيكون تمحيصه وتطهيره فيما يلحقه من الأذى من تغليظ الملك إياه أو تقريعه له، والله أعلم.

[٢٠ - باب في شأن الروح وأين تصير حين تخرج من الجسد؟]

قال أبو الحسن القابسي : الصحيح من المذهب، والذي عليه أهل السنة، أنها ترفعها الملائكة حتى توقفها بين يدي الله تعالى فيسألها (٢)، فإن كانت من أهل السعادة قال لهم: سيروا بها وأروها مقعدها من الجنة. فيسيرون بها في الجنة على قدر ما يغسل الميت، فإذا غسل الميت وكفن؛ ردت وأدرجت بين كفنه وجسده، فإذا حمل على النعش فإنه يسمع كلام الناس، من تكلم بخير ومن تكلم بشر، فإذا وصل إلى قبره وصلّى عليه، ردت فيه الروح وأقعد ذا روح وجسد، ودخل عليه الملكان الفتانان على ما يأتي.

وعن عمرو بن دينار قال: ما من ميت يموت إلا روحه في يد ملك، ينظر إلى جسده كيف يغسل، وكيف يكفن، وكيف يمشى به فيجلس في قبره.

قال داود: وزاد في هذا الحديث، قال: يقال له وهو على سريره: اسمع ثناء الناس عليك. ذكره أبو نعيم الحافظ في باب عمرو.

وقال أبو حامد في كتاب «كشف علوم الآخرة»: فإذا قبض الملك النفس السعيدة، تناولها ملكان حسان الوجوه، عليهما أثواب حسنة، ولهما رائحة طيبة، فيلفونها في حرير من حرير الجنة، وهي على قدر النحلة، شخص إنساني ما فقد من عقله ولا من علمه المكتسب له في دار الدنيا، فيعرجون بها في الهواء، فلا


(١) أخرجه الطبراني في «المعجم الصغير» (٢/ ٣٠ - ٣١) بسند ضعيف.
(٢) وفي هذا دليل على أن الله مستو على عرشه، فوق خلقه، فإلى أين ترفع الملائكة الروح وتصعد بها؟ أليس إلى باريها وفاطرها؟ فسبحان الذي قال: ﴿فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها﴾.

<<  <  ج: ص:  >  >>