للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

جاءت هذه الآيات في هذه الأحاديث مجموعة غير مرتبة ما عدا حديث حذيفة المذكور أولا، فإن الترتيب فيه بثم، وليس الأمر كذلك على ما نبينه، وقد جاء ترتيبها من حديث حذيفة أيضا قال: كان رسول الله في غرفة ونحن أسفل منه، فاطّلع إلينا فقال: ««ما تذكرون»؟» قلنا: الساعة. قال: «إن الساعة لا تكون حتى تروا عشر آيات: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، والدخان، والدجال، ودابة الأرض، ويأجوج ومأجوج، وطلوع الشمس من مغربها، ونار تخرج من قعر عدن، ترحل الناس».

وقال بعض الرواة في العشرة: «ونزول عيسى ابن مريم»، وقال بعضهم:

«وريح يلقى الناس في البحر» (١) أخرجه مسلم.

فأول الآيات على ما في هذه الرواية الخسوفات الثلاثة، وقد وقع بعضها في زمن النبي . ذكره ابن وهب، وقد تقدم.

وقد ذكر أبو الفرج بن الجوزي أنه وقع بعراق العجم زلازل وخسوفات هائلة هلك بسببها خلق كثير.

قلت: وقد وقع ذلك عندنا بشرق الأندلس فيما سمعنا من بعض مشايخنا بقرية يقال لها قطرطندة من قطر دانية، سقط عليها جبل هناك فأذهبها.

وأخبرني أيضا بعض أصحابنا أن قرية من أعمال برقة يقال لها: ترسة، أصابها زلزلة شديدة هدت حيطانها وسقفها على أهلها فماتوا تحتها ولم ينج منهم إلا قليل.

ووقع في هذا الحديث دابة الأرض قبل يأجوج ومأجوج، وليس كذلك فإن أول الآيات ظهور الدجال، ثم نزول عيسى ، ثم خروج يأجوج ومأجوج، فإذا قتلهم الله بالنغف في أعناقهم - على ما يأتي - وقبض الله تعالى نبيه عيسى ، وخلت الأرض منه وتطاولت الأيام على الناس، وذهب معظم دين الإسلام، أخذ الناس في الرجوع إلى عاداتهم وأحدثوا الأحداث من الكفر والفسوق، كما أحدثوه بعد كل قائم نصبه الله تعالى بينه وبينهم حجة عليهم، ثم قبضه فيخرج الله تعالى لهم دابة من الأرض فتميز المؤمن من الكافر ليرتدع بذلك الكفار عن كفرهم والفساق عن فسقهم ويستبصروا وينزعوا عما هم فيه من الفسوق والعصيان، ثم تغيب الدابة عنهم ويمهلون فإذا أصروا على طغيانهم طلعت الشمس


(١) أخرجه مسلم (٢٩٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>