﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾ [النساء: ٢٩] فسكت ساعة، ثم قال:
أطعه في طاعة الله، واعصه في معصية الله (١).
[فصل]
قوله: ينتضل: الانتضال الرمي بالسهام، والجشر: المال من المواشي التي ترعى أمام البيوت والديار، ويقال: مال جشر يرعى في مكانه، لأنه يرجع إلى أهله، يقال: جشرنا دوابنا؛ أي: أخرجناها إلى المرعى، وأصله البعد، ومنه يقال للأعزب: جشر وجشير لبعده عن النساء، وفي الحديث:«من ترك قراءة القرآن شهرين فقد جشره» أي: بعد عنه.
وقوله: يدفق بعضها بعضا؛ أي: يتلو بعضها بعضا وينصب بعضها على بعض، والتدفق: التصبب، وهذا المعنى مبين في نفس الحديث، لقوله:«وتجيء الفتنة ثم تنكشف وتجيء الفتنة وتزحزح» أي: تبعد، ومنه قوله تعالى: ﴿وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ﴾ [البقرة: ٩٦] أي: بمبعده. وصفقة اليد أصلها ضرب الكف عن الكف، زيادة في الاستيثاق مع النطق باللسان والالتزام بالقلب، وفي التنزيل:
﴿إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ [الفتح: ١٠]. وقوله: فاضربوا عنق الآخر، قيل: المراد عزله وخلعه، وذلك قتله وموته، وقيل: قذع رأسه وإذهاب نفسه، يدل عليه قوله في الحديث الآخر:«فاضربوه بالسيف كائنا ما كان» وهو ظاهر الحديث، هذا إذا كان الأول عدلا، والله أعلم.
***
[٢٤٢ - باب جواز الدعاء بالموت عند الفتن، وما جاء أن بطن الأرض خير من ظهرها]
(مالك) عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله ﷺ كان يدعو فيقول:
«اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحبّ المساكين وإذا أردت في الناس فتنة فاقبضني إليك غير مفتون» وقد تقدم هذا في أول الكتاب.