للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعنه عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله يقول: «إنه ليكون للوالدين على ولدهما دين، فإذا كان يوم القيامة يتعلقان به، فيقول أنا ولدكما فيودان أو يتمنيان لو كان أكثر من ذلك» (١).

وروى رزين عن أبي هريرة قال: كنا نسمع أن الرجل يتعلق بالرجل يوم القيامة هو لا يعرفه فيقول: مالك إليّ وما بيني وبينك معرفة؟ فيقول: كنت تراني على الخطايا وعلى المنكر ولا تنهاني.

وقال ابن مسعود: تفرح المرأة يوم القيامة أن يكون لها حق على أبيها أو ابنها أو أخيها أو زوجها أو أختها: ﴿فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ﴾.

(ابن ماجه) عن جابر قال: لما رجعت إلى رسول الله مهاجرة البحر قال: «ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة» فقال فتية منهم: بلى يا رسول الله، بينما نحن جلوس مرّت بنا عجوز من عجائز رهابينهم تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها ثم دفعها فخرت على ركبتيها، فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت التفتت إليه فقالت: سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله الكرسيّ وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل، بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا. قال: يقول رسول الله : «صدقت صدقت، كيف يقدّس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم» (٢).

[فصل]

أنكر بعض المتغفلة الذين اتبعوا أهواءهم بغير هدى من الله، إعجابا برأيهم وتحكما على كتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد ، بعقول ضعيفة وأفهام سخيفة، فقالوا لا يجوز في حكم الله تعالى وعدله أن يضع سيئات من اكتسبها على من لم يكتسبها، ويؤخذ حسنات من عملها فتعطى من لم يعملها، وهذا - زعموا - جورا، وأوّلوا قول الله تعالى: ﴿وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى﴾ [الأنعام: ١٦٤] فكيف تصح هذه الأحاديث وهي تخالف ظاهر القرآن وتستحيل في العقل؟

والجواب: أن الله لم يبين أمور الدين على عقول العباد، ولم يعد ولم يوعد على ما تحتمله عقولهم، ويدركونها بأفهامهم، بل وعدوا وعدا بمشيئته وإراداته، وأمر ونهي بحكمته، ولو كان كلما لا تدركه العقول مردودا لكان أكثر الشرائع مستحيلا على موضوع عقول العباد، وذلك أن الله تعالى أوجب الغسل


(١) أخرجه أبو نعيم (٤/ ٢٠٢) والطبراني في «الكبير» (٢١٩/ ١٠٥٢٦/١٠) بإسناد ضعيف.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٤٠١٠) وحسنه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (٣٢٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>