للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الكبائر فلا يكفّرها إلا التوبة منها والإقلاع عنها، كما بيّنا، وقد اختلف في تعيينها، ليس هذا موضع ذكرها، وسيأتي في القصاص، وفي أبواب النار جملة منها، إن شاء الله تعالى والله أعلم بالصواب.

١٨ - باب لا تخرج روح عبد مؤمن أو كافر حتى يبشّر وأنه يصعد بها

(ابن المبارك) قال: أخبرنا حياة قال: أخبرني أبو صخر، عن محمد بن كعب القرظي قال: إذا استنقعت نفس العبد المؤمن جاءه ملك الموت فقال:

السلام عليك يا وليّ الله، الله يقرئك السلام ثم نزع بهذه الآية: ﴿الَّذِينَ تَتَوَفّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ﴾ (١) [النحل: ٣٢].

وقال ابن مسعود: إذا جاء ملك الموت ليقبض روح المؤمن قال: ربك يقرئك السلام.

وعن البراء بن عازب في قوله تعالى: ﴿تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ﴾ [الأحزاب: ٤٤] فيسلم ملك الموت على المؤمن عند قبض روحه، لا يقبض روحه حتى يسلم عليه.

وقال مجاهد: إن المؤمن ليبشر بصلاح ولده من بعده لتقر عينه.

(ابن ماجه) عن أبي هريرة عن النبي قال: «تحضر الملائكة فإذا كان الرجل صالحا قالوا: أخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، أخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان وربّ راض غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فيفتح لها فيقال: من هذا؟ فيقولون: فلان بن فلان فيقال: مرحبا بالنفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، أدخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان وربّ راض غير غضبان، فلا يزال يقال لها ذلك حتى تنتهي إلى السماء التي فيها الله تعالى (٢)،


(١) الأثر أخرجه ابن المبارك في «الزهد» رقم (٤٤٢) والبيهقي في «شعب الإيمان» (٣٦١/ ٤٠٢/١).
(٢) قوله : «التي فيها الله تعالى … »؛ أي عليها، فإن «في» تأتي بمعنى على، كما في قوله تعالى: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ أي: على الأرض.
وفي هذا الحديث دليل على أن الله تعالى فوق سماواته بائن من خلقه، كما هي عقيدة المسلمين أهل التوحيد، كما قال ربنا جل وعلا: ﴿الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اِسْتَوى﴾. بعكس ما يبثّه أهل البدع ومن أشربت قلوبهم بعلم الكلام والفلسفة بأن الله تعالى ليس له مكان؛ فهو موجود بلا مكان!! تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>