للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفصل الثاني]

الإيمان بعذاب القبر وفتنته واجب، والتصديق به لازم، حسب ما أخبر به الصادق. وأن الله تعالى يحيي العبد المكلّف في قبره بردّ الحياة إليه، ويجعله من العقل في مثل الوصف الذي عاش عليه، ليعقل ما يسأل عنه وما يجيب به، ويفهم ما أتاه من ربه وما أعد له في قبره من كرامة أو هوان. وبهذا نطقت الأخبار عن النبي المختار وعلى آله آناء الليل وأطراف النهار، وهذا مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أهل الملة، ولم تفهم الصحابة الذين نزل القرآن بلسانهم ولغتهم من نبيهم غير ما ذكرناه، وكذلك التابعون بعدهم إلى هلم جرّا، ولقد قال عمر بن الخطاب لما أخبر النبي بفتنة الميت في قبره وسؤاله منكر ونكير، وهما الملكان له: «يا رسول الله أيرجع إليّ عقلي؟ قال: نعم. قال: إذا أكفيكهما. والله لئن سألاني سألتهما.

فأقول لهما: أنا ربي الله فمن ربكما أنتما؟» (١).

وخرّج الترمذي الحكيم أبو عبد الله في «نوادر الأصول» من حديث عبد الله بن عمر: أن رسول الله ذكر يوما فتّاني القبر، فقال عمر بن الخطاب أترد علينا عقولنا يا رسول الله؟ فقال: نعم كهيئاتكم اليوم، فقال عمر: في فيه الحجر (٢).

وقال سهل بن عمار: رأيت يزيد بن هارون في المنام بعد موته، فقلت: له ما فعل الله بك؟ فقال: إنه أتاني في قبري ملكان فظان غليظان، فقالا: ما دينك؟ ومن ربك؟ ومن نبيك؟ فأخذت بلحيتي البيضاء. وقلت: ألمثلي يقال هذا، وقد علّمت الناس جوابكما ثمانين سنة؟ فذهبا. وقالا: أكتبت عن حريز بن عثمان؟ قلت نعم. فقالا: إنه كان يبغض عليّا فأبغضه الله.

وفي حديث البراء: «فتعاد روحه في جسده» وحسبك. وقد قيل: إن السؤال والعذاب إنما يكون على الروح دون الجسد. وما ذكرناه لك أولا أصح، والله أعلم.

***

[الفصل الثالث]

أنكرت الملحدة ومن تمذهب من الإسلاميين بمذهب الفلاسفة عذاب القبر وأنه ليس له حقيقة، واحتجّوا بأن قالوا: إنا نكشف القبر فلم نجد فيه


(١) لم يصح ذلك عن عمر، فقد أخرجهما الحكيم الترمذي بسندين ضعيفين، والله أعلم.
(٢) لم يصح ذلك عن عمر، فقد أخرجهما الحكيم الترمذي بسندين ضعيفين، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>