للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعرفون معروفا، ولا ينكرون منكرا، فيتمثل لهم الشيطان فيقول: ألا تستجيبون؟ فيقولون:

فما تأمرنا؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان وهم في ذلك دارّ رزقهم، حسن عيشهم، ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلاّ أصغى ليتا ورفع ليتا» قال: «فأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله فيصعق ويصعق الناس» ثم قال: «يرسل الله - أو قال - ينزل الله مطرا كأنه الطّلّ فينبت منه أجساد الناس ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ﴾ [الزمر: ٦٨] ثم يقال: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ﴾ [الصافات: ٢٤] ثم يقال: أخرجوا بعث النار فيقال: من كم؟ فيقال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين» قال: «فذلك يوم يجعل الولدان شيبا، وذلك يوم يكشف عن ساق» (١).

(مسلم) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «ما بين النفختين أربعون» قالوا: يا أبا هريرة أربعين يوما؟ قال: أبيت. قالوا: أربعين شهرا؟ قال: أبيت.

قالوا؟ أربعين عاما؟ قال: أبيت. «ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل». قال: «وليس من الإنسان شيء إلاّ يبلى، إلاّ عظما واحدا» وفي رواية: «لا تأكله الأرض أبدا، وهو عجب الذّنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة» (٢). وعند ابن وهب في هذا الحديث «فأربعون جمعة» قال أبيت. وإسناده منقطع.

[فصل]

هذان الحديثان مع صحتهما في غاية البيان فيما ذكرناه، ويزيدهما أيضا بيانا في أبواب، ويأتي ذكر الدجال مستوعبا في الأشراط، إن شاء الله تعالى. وأصفى معناه: أمال. ليتا: يعني صفحة العنق، ويلوط معناه: يطين ويصلح، وقول أبي هريرة «أبيت»: فيه تأويلان:

الأول: أبيت؛ أي: امتنعت من بيان ذلك وتفسيره، وعلى هذا كان عنده علم من ذلك، أي سمعه من النبي .

الثاني: أبيت، أي: أبيت أن أسأل عن ذلك النبي ، وعلى هذا لم يكن عنده علم من ذلك.

والأول أظهر، وإنما لم يبينه لأنه لم ترهق لذلك حاجة، ولأنه ليس من البينات والهدى الذي أمر بتبليغه.

وفي البخاري عنه أنه قال: «حفظت وعاءين من علم، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم» (٣). قال أبو عبد الله: البلعوم؛ مجرى الطعام.


(١) أخرجه مسلم (٢٩٤٠).
(٢) تقدّم.
(٣) أخرجه البخاري (١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>