وقال مالك بن دينار: كان لي أجزاء أقرؤها كل ليلة، فنمت ذات ليلة، فإذا أنا في المنام بجارية ذات حسن وجمال وبيدها رقعة، فقالت: أتحسن أن تقرأ؟ فقلت: نعم، فدفعت إلى الرقعة، فإذا مكتوب هذه الأبيات:
لهاك النوم عن طلب الأماني … وعن تلك الأوانس في الجنان
تعيش مخلّدا لا موت فيها … وتلهو في الخيام مع الحسان
تنبه من منامك إن خيرا … من النوم التهجّد بالقرآن
وروى عن يحيى بن عيسى بن ضرار السعدي وكان قد بكى شوقا إلى الله ستين عاما - قال: رأيت كأن ضفّة نهر يجري بالمسك الأذفر، حافتاه شجر اللؤلؤ ونبت من قضبان الذهب، فإذا بجوار مزينات يقلن بصوت واحد: سبحان المسبّح بكل لسان، سبحان الموجود بكل مكان، سبحان الدائم في كل زمان سبحانه سبحانه، قال: فقلت: من أنتن؟ قلن: خلق من خلق الله سبحانه، قلت: وما تصنعن هاهنا؟ فقلن:
ذرأنا إله الناس ربّ محمد … لقوم على الأقدام بالليل قوّم
فقلت: بخ. بخ لهؤلاء من هؤلاء، لقد أقرّ الله أعينهم، فقلن: أما تعرفهم؟ فقلت: والله ما أعرفهم، قلن: هؤلاء المتهجدون بالليل أصحاب السهر.
***
٢٠٠ - باب في الحور العين ومن أيّ شيء خلقن
روي أن رسول الله ﷺ سئل عن الحور العين من أي شيء خلقن؟ فقال:
«من ثلاثة أشياء: أسفلهن من المسك، وأوسطهن من العنبر، وأعلاهن من الكافور، وشعورهنّ وحواجبهن سواد خط من نور»(١).
وروي عنه ﵊ أنه قال:«سألت جبريل ﵇ فقلت:
أخبرني كيف يخلق الله الحور العين؟ فقال لي: يا محمد؛ يخلقهن الله من قضبان العنبر والزعفران، مضروبات عليهن الخيام، أول ما يخلق الله منهن نهدا من مسك أذفر أبيض عليه يلتئم البدن».