للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن ذكر خيرا حمدوا الله واستبشروا، وإن كان شرّا قالوا: اللهم اغفر له حتى إنهم ليسألون، هل تزوج فلان؟ هل تزوجت فلانة؟ قال: فيسألونه عن رجل مات قبله فيقول:

ذاك مات قبلي، أما مرّ بكم؟ فيقولون: لا والله، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون. ذهب به إلى أمّه الهاوية، فبئست الأم وبئست المربية، حتى إنهم ليسألونه عن هرّ البيت» (١).

ذكره الثعلبي .

وقد قيل في قوله : «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» (٢) إنه هذا التلاقي، وقد قيل: تلاقي أرواح النيام والموتى، وقيل غير هذا. والله أعلم.

[باب منه]

روي من حديث ابن لهيعة، عن بكير بن الأشج، عن القاسم بن محمد، عن عائشة أن النبي قال: «الميت يؤذيه في قبره ما يؤذيه في بيته» (٣). قيل:

يجوز أن يكون الميت يبلغ من أفعال الأحياء وأقوالهم ما يؤذيه في قبره، بلطيفة يحدثها الله لهم من ملك يبلغ، أو علامة، أو دليل، أو ما شاء، وهو القادر على ما يشاء.

وروي عن عروة قال: وقع رجل في علي عند عمر بن الخطاب ، فقال له عمر : مالك قبّحك الله لقد آذيت رسول الله في قبره.

قال علماؤنا: ففي هذا الحديث زجر عن سوء القول في الأموات.

وفي الحديث: أنه نهى عن سب الأموات وزجر عن فعل ما كان يسوؤهم في حياتهم، وفيه أيضا زجر عن عقوق الآباء والأمهات بعد موتهما بما يسوؤهما من فعل الحي.

فقد روي في الحديث أن النبي كان يهدي لصدائق خديجة صلة منه لها وبرا، وإذا كان الفعل صلة وبرا، كان ضده عقوبة وقطيعة وعقوقا.

وقيل: يجوز أن يكون معنى الحديث: الميت يؤذيه في قبره من كان يؤذيه في بيته إذا كان حيّا، فيكون (ما) بمعنى (من) ويكون ذلك مضمرا في الكلام، والإشارة إلى الملك الموكل بالإنسان.


(١) تقدم قبل قليل.
(٢) أخرجه البخاري في «صحيحه» معلقا (٣٣٣٦) ووصله في «الأدب المفرد» رقم (٩٠٠) ومسلم (٢٦٣٨).
(٣) إسناده ضعيف، وهو منكر كما في «علل ابن أبي حاتم» (١/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>