للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخرج مسلم، عن عائشة قالت: سمعت رسول الله يقول: «لا تذهب الليالي والأيام حتى تعبد اللات والعزى، فقلت: يا رسول الله؛ إن كنت لأظن حين أنزل الله: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣] أن ذلك عام. قال: إنه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحا طيبة فتتوفى كل من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان، فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم (١)»، والله أعلم.

[فصل]

ذكر أبو الحسن بن بطال هذا الحديث في «شرح البخاري» له مبينا لحديث البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله يقول: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليّات نساء دوس على ذي الخلصة» الحديث وقد تقدم. وقال: هذه الأحاديث وما جاء فيها معناها الخصوص وليس المراد بها أن الدين كله ينقطع في جميع أقطار الأرض حتى لا يبقى منه شيء، لأنه قد ثبت عن النبي : أن الإسلام يبقى إلى قيام الساعة إلا أنه يضعف ويعود غريبا كما بدأ.

روى حماد بن سلمة، عن قتادة، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال:

قال رسول الله : «لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحقّ حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال» (٢). وكان مطرف يقول: هم أهل الشام.

قلت: ما ذكره من أن الدين لا ينقطع وأن الإسلام يبقى إلى قيام الساعة، يرده حديث عائشة وعبد الله بن عمرو، وما ذكره من حديث عمران بن حصين، وقد تقدم - أن عيسى يقتل الدجال ويخرج يأجوج ومأجوج ويموتون، ويبقى عيسى ودين الإسلام لا يعبد في الأرض غير الله كما تقدم، وأنه يحج ويحج معه أصحاب الكهف فيما ذكره المفسرون، وقد تقدم أنهم حواريّه، إذا نزل فإذا توفي عيسى بعث الله تعالى عند ذلك ريحا باردة من قبل الشام فتأخذ تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر فعليهم تقوم الساعة، كذا في حديث النواس بن سمعان الطويل، وقد تقدم.

وفي حديث عبد الله بن عمرو: «ثم يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا يبقى على وجه الأرض أحد في قلبه مثقال ذرة من خير، أو إيمان إلا قبضته، حتى لو دخل


(١) أخرجه مسلم (٢٩٠٧).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٤٢٩، ٤٣٧)، وهو في «الصحيحة» (١٩٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>