للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عمر عن النبي : «آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة، يقال له:

جهينة، تقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين» (١). ذكره الميانشي أبو حفص عمر بن عبد المجيد القرشي في كتاب «الاختيار» له في الملح من الأخبار والآثار.

ورواه أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، من حديث عبد الملك بن الحكم قال: حدّثنا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله : «إن آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة، فيقول أهل الجنة: عند جهينة الخبر اليقين سلوه؛ هل بقي من الخلائق أحد»؟ ورواه الدارقطني أيضا في كتاب «رواة مالك» ذكره السهيلي. وقد قيل: إن اسمه هناد، والله أعلم.

[فصل]

قوله: «أتستهزئ مني»؟ - وفي رواية: أتسخر؟ - والهزء، والسخرية بمعنى واحد، وفيه تأويلان:

أحدهما: أنه صدر منه هذا القول عند غلبة الفرح عليه واستخفافه إياه، كما غلط الذي قال: «اللهم أنت عبدي وأنا ربك». خرجه مسلم (٢).

الثاني: أن يكون معناه: أتجازيني على ما كان مني في الدنيا من قلّة احتفالي بأعمالي، وعدم مبالاتي بها؟ فيكون هذا على وجه المقابلة، كما قال الله تعالى مخبرا عن المنافقين: ﴿إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ * اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة: ١٤، ١٥] أي:

ينتقم منهم ويجازيهم على استهزائهم، والاستهزاء في اللغة: الانتقام. قال الشاعر:

قد استهزءوا منهم بألفي مدجّج … سراتهم وسط الصّحاصح جثّم

ومثله: ﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ﴾ [آل عمران: ٥٤] الآية. وهو كثير، وسيأتي لبيان الاستهزاء من الله مزيد بيان (٣)، إن شاء الله تعالى والضحك من الله تعالى راجع إلى معنى الرضى عن العبد، فاعلم ذلك.


(١) ذكره ابن عراق الكتاني في «تنزيه الشريعة» (٢/ ٣٩١) وقال: «فيه عبد الملك بن الحكم، وجامع بن سواده؛ ضعيفان. وقال الدارقطني في «غرائب مالك»: باطل».
قال الحافظ ابن كثير في «الفتن والملاحم» (٢/ ٣٥٠): «هذا الحديث لا تصح نسبته إلى الإمام مالك، لجهالة رواته عنه، ولو كان محفوظا عنه من حديثه لكان في كتبه المشهورة عنه، كالموطإ وغيره مما رواه عنه الثقات. والعجيب أن أبا عبد الله القرطبي ذكره في «التذكرة» وجزم به فقال: قال ابن عمر: قال رسول الله : … ».
(٢) في «صحيحه» (٢٧٤٧).
(٣) قارن ب «إعلام الموقعين» لابن القيم (٣/ ٢١٧، ٢١٨) و «المفسرون بين الإثبات والتأويل» للشيخ محمد المغراوي (٤/ ١٥٨٣ - ١٥٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>