للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا صار تحت أيديهم رفاتا، العظام واللحم يصير رفاتا. قال: فتجمع أيديهم وأرجلهم ورقابهم في الأغلال، فيلقون في النار مصفودين، فليس لهم شيء يتّقون به إلا الوجوه، فهم عمي قد ذهبت أبصارهم، ثم قرأ: ﴿أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ﴾ [الزمر: ٢٤] الآية. فإذا ألقوا فيها يكادون يبلغون قعرها؛ يلقاهم لهبها فيردهم إلى أعلاها، حتى إذا كادوا يخرجون تلقتهم الملائكة بمقامع من حديد، فيضربونهم بها، فجاء أمر غلب اللهب فهووا كما هم أسفل السافلين هكذا دأبهم، وقرأ: ﴿كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها﴾ [الحج: ٢٢] فهم كما قال الله تعالى: ﴿عامِلَةٌ ناصِبَةٌ * تَصْلى ناراً حامِيَةً﴾ [الغاشية: ٣، ٤].

والأنكال: القيود، عن الحسن ومجاهد، واحدها: نكل، وسمّيت القيود أنكالا لأنه ينكل بها، أي يمنع. قال الهروي: والأصفاد: هي الأغلال. ويقال:

القيود. أعاذنا الله منها بمنّه وكرمه.

***

[١٥٨ - باب منه في رفع لهب النار أهل النار حتى يشرفوا على أهل الجنة]

يروى أن لهب النار يرفع أهل النار حتى يطيروا كما يطير الشرر، فإذا رفعهم أشرفوا على أهل الجنة وبينهم حجاب، فينادي أصحاب الجنة أصحاب النار: ﴿أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا﴾ [الأعراف: ٤٤] الآية، وينادي أصحاب النار أصحاب الجنة، حين يروا الأنهار تطرد بينهم: ﴿أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ﴾ [الأعراف: ٥٠] الآية، فتردّهم ملائكة العذاب بمقامع الحديد إلى قعر النار.

قال بعض المفسرين: هو معنى قول الله تعالى: ﴿كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها﴾. ذكره أبو محمد عبد الحق في كتاب «العاقبة له». قال: ولعلك تقول: كيف يرى أهل الجنة أهل النار، وأهل النار أهل الجنة؟ وكيف يسمع بعضهم كلام بعض، وبينهم ما بينهم من المسافة وغلظ الحجاب؟ فيقال لك: لا تقل هذا فإن الله تعالى يقوي أسماعهم وأبصارهم، حتى يرى بعضهم بعضا، ويسمع بعضهم كلام بعض، وهذا قريب في القدرة.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>