للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٩ - باب ما جاء في تلاقي الأرواح في السماء والسؤال عن أهل الأرض وفي عرض الأعمال]

(ابن المبارك) عن أبي أيوب الأنصاري قال: «إذا قبضت نفس المؤمن تلقّاها أهل الرحمة من عباد الله تعالى كما يتلقّون البشير في الدنيا، فيقبلون عليه يسألونه، فيقول بعضهم لبعض: انظروا أخاكم حتى يستريح، فإنه كان في كرب شديد، قال:

فيقبلون عليه فيسألونه؛ ما فعل فلان؟ ما فعلت فلانة، هل تزوّجت؟ فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبله، فيقول: إنه هلك، فيقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب به إلى أمّه الهاوية، فبئست الأمّ وبئست المربية، قال: فتعرض عليهم أعماله، فإن رأوا حسنا فرحوا واستبشروا وقالوا: اللهم هذه نعمتك على عبدك فأتمّها، وإن رأوا شرّا قالوا: اللهم راجع بعبدك» (١).

قال ابن المبارك: وأخبرنا صفوان بن عمرو، قال: حدّثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير؛ أن أبا الدرداء كان يقول: «إن أعمالكم تعرض على موتاكم فيسرّون ويساءون، قال: يقول أبو الدرداء: اللهم إني أعوذ بك أن أعمل عملا يخزى به عبد الله بن رواحة». وفي رواية: «اللهم إني أعوذ بك من عمل يخزيني عند عبد الله بن رواحة» (٢).

أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الثقفي قال: أخبرني عثمان بن عبد الله بن أوس، أن سعيد بن جبير قال له: استأذن لي على ابنة أخي، وهي زوجة عثمان، وهي ابنة عمرو بن أوس، فاستأذنت له، فدخل عليها ثم قال: كيف يفعل بك زوجك؟ قالت: إنه إليّ المحسن فيما استطاع. فالتفت إليّ ثم قال: يا عثمان أحسن إليها فإنك لا تصنع بها شيئا إلا جاء عمرو بن أوس، فقلت: وهل تأتي الأموات أخبار الأحياء؟ قال نعم، ما من أحد له حميم إلا ويأتيه أخبار أقاربه، فإن كان خيرا سرّ به وفرح وهنئ به، وإن كان شرا ابتأس وحزن به، حتى إنهم ليسألون عن الرجل قد مات، فيقال: أو لم يأتكم؟ فيقولون: لا، خولف به إلى أمه الهاوية (٣).

وعن الحسن البصري قال: إذا قبض روح العبد المؤمن عرج


(١) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» رقم (٤٤٣) بسند حسن.
(٢) إسناده صحيح، أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (١٦٥).
(٣) أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (٤٤٧) بإسناد حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>