للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشبهان نبيين من الأنبياء ولو شئت سميتهما بأسمائهما وأسماء آبائهما، أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، فيقول الدجال: ألست بربكم أحيي وأميت؟ فيقول أحد الملكين: كذبت، فلا يسمعه أحد من الناس إلا صاحبه، فيقول له: صدقت، فيسمعه الناس فيظنون أنه صدّق الدجال، فذلك فتنة، ثم يسير الدجال حتى يأتي المدينة فلا يؤذن له فيقول: هذه قرية ذلك الرجل، ثم يسير حتى يأتي الشام فيهلكه الله عند عقبة أفيق».

قال ابن برجان في كتاب «الإرشاد» له: والذي يغلب على ظني أن النبيين المشبه بهما أحدهما المسيح ابن مريم، والآخر محمد ، ولذلك أنذرا بذلك ووصيّا.

وخرّج أبو داود في «سننه» عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله قال:

«إني كنت قد حدثتكم عن المسيخ الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا أن المسيخ الدجال قصير أفحج جعدا أعور مطموس العين ليست بناتئة ولا جحراء، فإن التبس عليكم فاعلموا أن ربّكم ﷿ ليس بأعور» (١).

[فصل]

وصف النبي الدجال وصفا لم يبق معه لذي لبّ إشكال، وتلك الأوصاف كلها ذميمة تبين لكل ذي حاسة سليمة، لكن من قضى الله عليه بالشقاوة تبع الدجال فيما يدّعيه من الكذب والغباوة، وحرم اتباع الحق ونور التلاوة، فقوله : «إنه أعور وإن الله ليس بأعور» تبيين للعقول القاصرة أو الغافلة على أن من كان ناقصا في ذاته عاجزا عن إزالة نقصه، لم يصلح أن يكون إلها لعجزه وضعفه، ومن كان عاجزا عن إزالة نقصه كان أعجز عن نفع غيره وعن مضرته، وجاء في حديث حذيفة: «أعور العين اليسرى»، وفي حديث ابن عمر:

«أعور العين اليمنى» وقد أشكل الجمع بين الحديثين على كثير من العلماء، قال:

وحتى إن أبا عمر بن عبد البر، ذكر ذلك في كتاب «التمهيد» له (٢).

وفي حديث سمرة بن جندب أن نبي الله كان يقول: «إن الدجال خارج وهو أعور العين الشمال، عليها ظفرة غليظة، وأنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى ويقول للناس: أنا ربكم، فمن قال: أنت ربي فقد فتن، ومن قال: ربي الله ﷿ حتى يموت على ذلك فقد عصم من فتنته، ولا فتنة عليه ولا عذاب، فيلبث في الأرض ما شاء الله، ثم يجيء عيسى من قبل المغرب مصدقا بمحمد وعلى ملته فيقتل الدجال ثم إنما هو قيام الساعة» (٣).


(١) أخرجه أبو داود (٤٣٢٠)، وصححه الألباني.
(٢) انظر «التمهيد» (١٤/ ١٩٣ - ١٩٤).
(٣) أخرجه أحمد (٥/ ١٣) بإسناد ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>