للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبدي، فإذا أوقفه بين يديه الكريمتين أخجله ببعض اللوم والمعاتبة، حتى يظن أنه قد هلك ثم يعفو عنه (١).

كما روي عن يحيى بن أكثم القاضي؛ وقد رئي في المنام بعد موته، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: أوقفني بين يديه. ثم قال: يا شيخ السوء فعلت كذا وفعلت كذا! فقلت: يا رب ما بهذا حدثت عنك. قال: فبم حدثت عني يا يحيى؟ فقلت: حدّثني الزهري عن معمر عن عروة عن عائشة عن النبي عن جبريل عنك سبحانك أنك قلت: «إني لأستحيي أن أعذب ذا شيبة شابت في الإسلام» فقال:

يا يحيى صدقت، وصدق الزهري، وصدق معمر، وصدق عروة، وصدقت عائشة، وصدق محمد، وصدق جبريل، وقد غفرت لك!!

وعن ابن نباتة وقد رثي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: أوقفني بين يديه الكريمتين وقال: أنت الذي تخلص كلامك حتى يقال: ما أفصحه! فقلت: سبحانك إني كنت أصفك. قال: قل ما كنت تقول في دار الدنيا، قلت:

أبادهم الذي خلقهم، وأسكتهم الذي أنطقهم، وسيوجدهم كما أعدمهم، وسيجمعهم كما فرقهم. قال لي: صدقت اذهب فإني قد غفرت لك.

وعن منصور بن عمار؛ أنه رئي في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال:

أوقفني بين يديه، وقال لي: بماذا جئتني يا منصور؟ قلت: بست وثلاثين حجة.

قال: ما قبلت منها شيئا ولا واحدة. ثم قال: بماذا جئتني يا منصور؟ قلت: جئتك بثلاثمائة وستين ختمة للقرآن قال: ما قبلت منها واحدة. ثم قال: فبماذا جئتني يا منصور؟ قال: جئتك بك، قال سبحانه: الآن جئتني، اذهب فقد غفرت لك (٢)!!

ومن الناس من إذا انتهى إلى الكرسي سمع النداء: ردوه، فمنهم من يرد من الحجب، وإنما يصل إلى الله عارفوه.

[فصل]

وأما الكافر فتؤخذ نفسه عنفا، فإذا وجهه كأكل الحنظل، والملك يقول:


(١) هذا الكلام الذي نقله القرطبي عن الغزالي - رحمهما الله - مما لا يقال بالرأي، ولا دليل عليه.
لكن صح في «الصحيحين» حديث الملكين وسؤالهما، والعروج بالروح إلى السماء، وما في «الصحيح» يغني، والحمد لله على توفيقة.
(٢) هذه المنامات ظاهرها النكارة، وكان الأولى تنزيه الكتاب من مثلها، وخاصة أنها متعلقة بالله جل في علاه، ونسبة قول إلى الله لا يصحّ عن طريق مثل هذه المنامات، إنما نأخذه من المسند الصحيح من كلام النبي صلوات الله وسلامه عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>