مرفوعا بأنهم إذا دخلوا الجنة قال أهل الجنة: هؤلاء الجهنميون، فعند ذلك يقولون: إلهنا لو تركتنا في النار كان أحب إلينا من العار، فيرسل الله ريحا من تحت العرش يقال لها المثيرة، فتهب على وجوههم فتمحي الكتابة، وتزيدهم بهجة وجمالا وحسنا.
أخبرنا الشيخ الراوية أبو محمد عبد الوهاب - عرف بابن رواحة - قراءة عليه، قال: قرئ على الحافظ السّلفي وأنا أسمع، قال: أخبرنا الحاجب أبو الحسن بن العلاف، أخبرنا أبو القاسم بن بشران، أخبرن الآجرّي أبو بكر محمد بن الحسين، حدّثنا أبو علي الحسن بن محمد بن سعيد الأنصاري، حدّثنا علي بن مسلم الطوسي، حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري، قال: حدّثني عمرو بن رفاعة الربعي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله ﷺ:
«إن أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون فيها ولا يحيون وأهلها الذين يخرجون منها إذا أسقطوا فيها كانوا فحما حتى يأذن الله فيخرجهم فيلقيهم على نهر يقال له الحياة أو الحيوان، فيرش أهل الجنة عليهم الماء فينتبهون ثم يدخلون الجنة، يسمون الجهنميين ثم يطلبون من الرحيم ﷿ فيذهب ذلك الاسم عنهم ويلحقون بأهل الجنة»(١). وأما سيما المتحابين فعلامة شريفة ونسبة رفيعة فلذلك لم يسألوا محوها ولا طلبوا زوالها وإزالتها - والله أعلم.
فإن قيل: ففي هذا ما يدل على أن بعض من يدخل الجنة قد يلحقه تنغيص ما والجنة لا تنغيص فيها ولا نكد.
قيل له: هذه الأحاديث تدل على ذلك، وأن ذلك يلحقهم عند دخول الجنة ثم يزول ذلك الاسم عنهم، وقد مثّل بعض علماؤنا هذا الذي أصاب هؤلاء؛ بالبحر تقع فيه النجاسات أنه لا حكم لها، كذلك ما أصاب هؤلاء بالنسبة إلى أهل الجنة، وهو تشبيه حسن.
قلت: وقد يلحق الجميع خوف ما عند ذبح الموت على الصراط على ما يأتي، وبعده يكونون آمنين مسرورين، قد زال عنهم كل متوقع، والله أعلم.
[فصل]
إن قال قائل: كيف يشفع القرآن والصيام، وإنما ذلك عمل العاملين؟ قيل له - وقد تقدم هذا المعنى ونزيده وضوحا - فنقول: قال رسول الله ﷺ: «يجيء القرآن
(١) إسناده ضعيف؛ لأجل أبي نضرة؛ هو: منذر بن مالك العبدي، ومروان بن معاوية الفزاري.