«تدور رحى الإسلام لخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين، فإن يهلكوا فسبيل من هلك، وإن لم يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما». قال: قلت: أممّا بقي أو مما مضى؟ قال: «مما مضى» (١).
[فصل]
قال الهروي في تفسير هذا الحديث: قال الحربي: ويروى تزول، وكأن تزول أقرب، لأنها تزول عن ثبوتها واستقرارها، وتدور: يكون بما يحبون وبما يكرهون، فإن كان الصحيح سنة خمس فإن فيها قدم أهل مصر وحصروا عثمان ﵁، وإن كانت الرواية سنة ستّ ففيها خرج طلحة والزبير إلى الجمل، وإن كانت سنة سبع ففيها كانت صفّين غفر الله لهم أجمعين (٢).
وقال الخطابي: يريد ﵊ أن هذه المدة إذا انقضت حدث في الإسلام أمر عظيم يخاف على أهله لذلك الهلاك، يقال: الأمر إذا تغير واستحال دارت رحاه، وهذا والله أعلم إشارة إلى انقضاء مدة الخلافة. وقوله:
«ليقم لهم دينهم» أي: ملكهم وسلطانهم، وذلك من لدن بايع الحسن ﵇ معاوية إلى انقضاء بني أمية من المشرق نحو من سبعين سنة وانتقاله إلى بنى العباس، «والدين»: الملة والسلطان، ومنه قوله تعالى: ﴿لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ﴾ [يوسف: ٧٦] أي: في سلطانه.
وقوله: «تدور رحى الإسلام». دوران الرحى كناية عن الحرب والقتال، شبهها بالرحى الدائرة التي تطحن، لما يكون فيها من قبض الأرواح وهلاك الأنفس.
***
٢٢٨ - باب ما جاء أن عثمان ﵁ لما قتل سلّ سيف الفتنة
(الترمذي) عن ابن أخي عبد الله بن سلام قال: لما أريد عثمان ﵁ جاء عبد الله بن سلام فقال له عثمان بن عفان ﵁: ما جاء بك؟ قال: جئت في نصرتك. قال: اخرج إلى الناس فاطردهم عني فإنك خارج خير من داخل. قال:
(١) أخرجه أبو داود (٤٢٥٤)، وصححه الألباني.
(٢) «الغريبين» للهروي (٣/ ٧٣٠).