للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قتلني هذا، حتى يدنيه من العرش» (١). قال: هذا حديث حسن غريب.

(مالك) عن يحيى بن سعيد قال: بلغني أن أول ما ينظر فيه من عمل المرء الصلاة فإن قبلت منه نظر فيما بقي من عمله، وإن لم تقبل منه لم ينظر في شيء من عمله.

قلت: وهذا الحديث وإن كان موقوفا بلاغا فقد رواه أبو داود والترمذي والنسائي مرفوعا بهذا المعنى عن أبي هريرة عن النبي قال: «أول ما يحاسب به الناس يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، قال: يقول ربّنا ﷿ لملائكته:

انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها، فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئا. قال: انظروا هل لعبدي من تطوع فإن كان له تطوع، قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذلك» (٢). لفظ أبي داود، وقال الترمذي: حديث حسن غريب، وخرجه ابن ماجه أيضا.

[فصل]

قال أبو عمر بن عبد البر : أما إكمال الفريضة من التطوع فإنما يكون ذلك - والله أعلم - فيمن سها عن فريضة فلم يأت بها أو لم يحسن ركوعها وسجودها ولم يدر قدر ذلك. وأما من تعمد تركها أو شيئا منها ثم ذكرها فلم يأت بها عامدا واشتغل بالتطوع عن أداء فرضه وهو ذاكر له؛ فلا تكمل له فريضته تلك من تطوعه، والله أعلم.

وقد روي من حديث الشاميين في هذا الباب حديث منكر، يرويه محمد بن حمير عن عمرو بن قيس السكوني، عن عائذ بن قرط، عن النبي قال: «من صلى صلاة لم يكمل فيها ركوعه وسجوده وخشوعه زيد فيها من تسبيحاته حتى تتم» (٣).

قال أبو عمرو: «هذا لا يحفظ عن النبي إلا من هذا الوجه، وليس بالقوي وإن كان صح كان معناه: أخرجه من صلاة قد أتمها عند نفسه وليست في الحكم بتامة».

قلت: ينبغي للإنسان أن يحافظ على أداء فرضه فيصليه كما أمر من إتمام ركوع وسجود، وحضور قلب. فإن غفل عن شيء من ذلك فيجتهد بعد ذلك في


(١) انظر ما تقدم.
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ١٠٣) وأبو داود (٨٦٤) والنسائي (١/ ٢٣٢) وابن ماجه (١٤٢٥). وصححه الألباني.
(٣) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٢٢/ ٣٧/١٨) وصححه الألباني في «الصحيحة» رقم (٢٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>