بستة أعوام، وبعث المختار به إلى المدينة فوضع بين يدي بني الحسين الكرام، وكذلك عمرو بن سعد وأصحابه اللئام ضربت أعناقهم بالسيف، وسقوا كأس الحمام، وبقي الوقوف بين يدي الملك العلام في يوم ﴿يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ﴾ [الرحمن: ٤١].
وفي الترمذي: حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عميرة قال: لما أتي برأس عبيد الله بن زياد وأصحابه نصبت في المسجد في الرحبة، فانتهيت إليهم وهم يقولون: قد جاءت، فإذا حية قد جاءت تخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري عبيد الله فمكثت هنية، ثم خرجت فذهبت حتى تغيبت، ثم قالوا: جاءت قد جاءت، ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثا (١).
قال العلماء: وذلك مكافأة لفعله برأس الحسين وهي من آيات العذاب الظاهرة عليه. ثم سلّط الله عليهم المختار فقتلهم حتى أوردهم النار، وذلك أنه الأمير مذحج بن إبراهيم بن مالك لقي عبيد الله بن زياد على خمسة فراسخ من الموصل وعبيد الله في ثلاثة وثلاثين ألفا وإبراهيم في أقل من عشرين ألفا، فتطاعنوا بالرماح وتراموا بالسهام واصطفقوا بالسيوف إلى أن اختلط الظلام، فنظر إبراهيم إلى رجل عليه بزّة حسنة ودرع سابغة وعمامة خز دكناء، وديباجة خضراء، من فوق الدرع وقد أخرج يده من الديباجة ورائحة المسك تشم عليه وفي يده صحيفة له مذهبة، فقصده الأمير إبراهيم لا لشيء إلا لتلك الصحيفة والفرس الذي تحته حتى إذا لحقه لم يلبث أن ضربه ضربة كانت فيها نفسه، فتناول الصحيفة وغار الفرس فلم يقدر عليه ولم يبصر الناس بعضهم بعضا من شدة الظلمة، فتراجع أهل العراق إلى عسكرهم والخيل لا تطأ إلا على القتلى فأصبح الناس وقد فقد من أهل العراق ثلاثة وسبعون رجلا وقتل من أهل الشام سبعون ألفا.
فتعشوا منهم بسبعين ألفا … أو يزيدون قبل وقت العشاء
فلما أصبح وجد الأمير الفرس رده عليه رجل كان أخذه، ولما علم أن الذي قتل هو عبيد الله بن زياد كبّر وخرّ ساجدا، وقال: الحمد لله الذي أجرى قتله على يدي، فبعث به إلى المختار زيادة على سبعين ألف رأس في أولها أشد رؤوس أهل الفساد، عبيد الله المنسوب إلى زياد.
قال المؤلف ﵀: نقلت هذا من كتاب «مرج البحرين في مزايد المشرقين والمغربين» للحافظ أبي الخطاب بن دحية ﵁.