للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان على الصراط طمس الله أبصار أعدائه، فتهافتوا في النار يمينا وشمالا، ويمضي النبي والصالحون معه، فتتلقاهم الملائكة رتبا، فيدلونهم على طريق الجنة على يمينك على شمالك، حتى ينتهي إلى ربه، فيوضع له كرسي عن يمين الرحمن، ثم يتبعهم عيسى على مثل سبيله، وتتبعه أمّته برّها وفاجرها، حتى إذا كانوا على الصراط طمس الله أبصار أعدائه فتهافتوا في النار يمينا وشمالا، ويمضي النبي والصالحون معه فتلقاهم الملائكة رتبا، فيدلونهم على طريق الجنة؛ على يمينك على شمالك حتى ينتهي إلى ربه، فيوضع له كرسي من الجانب الآخر. ثم يدعى نبي نبي وأمة أمة، حتى يكون آخرهم نوحا، رحم الله نوحا (١).

***

[١٢١ - باب ذكر الصراط الثاني وهو القنطرة التي بين الجنة والنار]

اعلم رحمك الله أن في الآخرة صراطين: أحدهما مجاز لأهل المحشر كلهم ثقيلهم وخفيفهم، إلا من دخل الجنة بغير حساب، أو من يلتقطه عنق النار، فإذا خلص من خلص من هذا الصراط الأكبر الذي ذكرناه، ولا يخلص منه إلا المؤمنون الذين علم الله منهم أن القصاص لا يستنفد حسناتهم، حبسوا على آخر خاص لهم، ولا يرجع إلى النار من هؤلاء أحد إن شاء الله لأنهم قد عبروا الصراط الأول المضروب على متن جهنم، الذي يسقط فيها من أوبقه ذنبه، وأربى على الحسنات بالقصاص جرمه.

(البخاري) عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله : «يخلص المؤمنون من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتصّ لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذّبوا ونقّوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان له في الدنيا» (٢).

[فصل]

قلت: معنى «يخلص المؤمنون من النار» أي: يخلصون من الصراط المضروب على النار. ودل هذا الحديث على أن المؤمنين في الآخرة مختلفو الحال. قال


(١) أخرجه نعيم بن حماد في زوائد «الزهد» (٣٩٨) بإسناد ضعيف.
(٢) أخرجه البخاري (٦٥٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>