للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٤ - باب ما جاء أن القبر أول منازل الآخرة وفي البكاء عنده وفي حكمه والاستعداد له]

(ابن ماجه) عن هانئ بن عثمان، قال: كان عثمان إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له: تذكر الجنة والنار ولا تبكي، وتبكي من هذا؟ قال: إن رسول الله قال: «إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه أحد فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه» (١).

قال: قال رسول الله : «ما رأيت منظرا قط إلاّ والقبر أفظع منه» (٢) أخرجه الترمذي. وزاد رزين قال: وسمعت عثمان ينشد على قبر شعرا:

فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة … وإلاّ فإني لا إخالك ناجيا

(ابن ماجه) عن البراء: قال: كنا مع رسول الله في جنازة فجلس على شفير القبر فبكى وأبكى، حتى بلّ الثرى، ثم قال: «يا إخواني لمثل هذا فأعدّوا» (٣).

[فصل]

القبر واحد القبور في الكثرة، وأقبر في القلّة، ويقال للمدفن، مقبر.

قال الشاعر:

لكلّ أناس مقبر بفنائهم … وهم ينقصون والقبور تزيد (٤)

واختلف في أول من سنّ القبر؟ فقيل: الغراب لمّا قتل قابيل هابيل. وقيل بنو إسرائيل، وليس بشيء. وقد قيل: كان قابيل يعلم الدفن، ولكن ترك أخاه بالعراء استخفافا به. فبعث الله غرابا يحثّ التراب على هابيل ليدفنه. فقال عند ذلك: ﴿يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النّادِمِينَ﴾ [المائدة: ٣١] حيث رأى إكرام الله لهابيل بأن قيّض الله الغراب له حتى واراه، ولم يكن ذلك ندم توبة. وقيل: ندمه إنما كان على فقده، لا على قتله.


(١) أخرجه ابن ماجه (٤٢٣٦٧) بإسناد حسن كما في «المشكاة» (١٣٢).
(٢) أخرجه الترمذي (٢٣٠٩) بإسناد حسن.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٤١٩٥) وأحمد (٤/ ٢٩٤)، وهو في «الصحيحة» برقم (١٧٥١).
(٤) انظر «لسان العرب» (١١/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>