وقال آخر:
وألحدوا محبوبهم وانثنوا … وهمهم تحصيل ما خلّفا
وغادروه مسلما مفردا … في رمسه رهنا بما أسلفا
ولم يزود من جميع الذي … باع به أخراه إلا لفا
وخرّج أبو عبد الله الترمذي في «نوادر الأصول»، عن سعيد بن المسيب قال: حضرت ابن عمر في جنازة فلما وضعها في اللحد قال: بسم الله وفي سبيل الله، فلما أخذ في تسوية اللحد، قال: «اللهم أجرها من الشيطان، ومن عذاب القبر»، فلما سوّى الكثيب عليها، قام جانب القبر ثم قال: «اللهم جاف الأرض عن جنبيها، وصعد روحها، ولقّها منك رضوانا». فقلت لابن عمر: شيئا سمعته من رسول الله ﷺ، أم شيئا قلته من رأيك؟ قال: «إني إذا لقادر على القول، بل سمعته من رسول الله ﷺ» خرّجه ابن ماجه أيضا في سننه (١).
وقال أبو عبد الله الترمذي ﵀: حدّثني أبي ﵀، قال: حدّثنا الفضل بن دكين، عن سفيان، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، قال: «كانوا يستحبون إذا وضع الميت في اللحد أن يقولوا: اللهم أعذه من الشيطان الرجيم» (٢).
وروي عن سفيان الثوري أنه قال: إذا سئل الميت: من ربك؟ تراءى له الشيطان في صورة فيشير إلى نفسه، إني أنا ربك، قال أبو عبد الله: فهذه فتنة عظيمة. ولذلك كان رسول الله ﷺ يدعو بالثبات، فيقول: «اللهم ثبّت عند المسألة منطقه، وافتح أبواب السماء لروحه». فلو لم يكن للشيطان هناك سبيل ما كان ليدعو له رسول الله ﷺ أن يجيره من الشيطان، فهذا تحقيق لما روي عن سفيان. ذكره في الأصل التاسع والأربعين والمائتين.
[٤٣ - باب الوقوف عند القبر قليلا بعد الدفن والدعاء بالتثبيت له]
(مسلم) عن ابن شماسة المهري، قال: حضرنا عمرو بن العاص وهو في سياقة الموت، الحديث، وفيه: «فإذا دفنتموني فشنوا عليّ التراب شنّا، ثم أقيموا حول
(١) برقم (١٥٥٠) وهو في «صحيح سنن ابن ماجه» برقم (١٢٦٠).
(٢) ذكره الحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (١/ ٣٦٣).