للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٣٤ - باب إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار]

(مسلم) عن الأحنف بن قيس قال: خرجت وأنا أريد هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة، فقال: أين تريد يا أحنف؟ قال: فقلت: أريد نصرة ابن عم رسول الله يعني عليّا - قال: فقال لي: يا أحنف؛ ارجع، سمعت رسول الله يقول: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار». قال: فقلت: يا رسول الله؛ هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال: «إنه قد أراد قتل صاحبه» أخرجه البخاري، وفي بعض طرقه: «إنه كان حريصا على قتل صاحبه» (١).

[فصل]

قال علماؤنا: ليس هذا الحديث في أصحاب النبي ، بدليل قوله تعالى:

﴿وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اِقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ﴾ [الحجرات: ٩] فأمر الله تعالى بقتال الفئة الباغية، ولو أمسك المسلمون عن قتال أهل البغي لتعطّلت فريضة من فرائض الله، وهذا يدل على أن قوله: «القاتل والمقتول في النار» ليس في أصحاب محمد ، لأنهم إنما قاتلوا على التأويل.

قال الطبري: لو كان الواجب في كل اختلاف يكون بين الفريقين من المسلمين الهرب منه ولزوم المنازل وكسر السيوف؛ لما أقيم حدّ ولا أبطل باطل، ولوجد أهل النفاق والفجور سبيلا إلى استحلال كل ما حرم الله عليهم من أموال المسلمين وسبي نسائهم وسفك دمائهم، بأن يتحزّبوا عليهم، ويكفّ المسلمون أيديهم عنهم؛ بأن يقولوا: هذه فتنة قد نهينا عن القتال فيها، وأمرنا بكف الأيدي والهرب منها، وذلك مخالف لقوله : «خذوا على أيدي سفهائكم» (٢).

قلت: فحديث أبي بكرة محمول على ما إذا كان القتال على الدنيا، وقد جاء هكذا منصوصا فيما سمعناه من بعض مشايخنا: «إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار» خرّجه البزار.


(١) أخرجه البخاري (٣١، ٣٨٧٥، ٧٠٨٣) ومسلم (٢٨٨٨).
(٢) أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٩٢/ ٧٥٧٧/٦)، وضعّفه المحدث الألباني في «الضعيفة» (٣٠٩/ ٢٢٨٤/٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>