وروي من طرق أخرجها البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه ﵃ ومعناها كلها على اختلاف ألفاظها تقريب من الساعة التي هي القيامة وسرعة مجيئها، وهذا كما قال الله تعالى: ﴿فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها﴾ [محمد: ١٨] وقوله: ﴿وَما أَمْرُ السّاعَةِ إِلاّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ﴾ [النحل: ٧٧] وقوله تعالى: ﴿اِقْتَرَبَ لِلنّاسِ حِسابُهُمْ﴾ [الأنبياء: ١] وقوله تعالى: ﴿اِقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَاِنْشَقَّ الْقَمَرُ﴾ [القمر: ١] وقال: ﴿أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ [النحل: ١].
ويروى أن النبي ﷺ لما أنزل عليه قوله تعالى: ﴿أَتى أَمْرُ اللهِ﴾ وثب فلما أنزل ﴿فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ جلس.
قال بعض العلماء: إنما وثب ﵊ خوفا منه أن تكون الساعة قد قامت.
وقال الضحاك والحسن: أول أشراطها محمد ﷺ، وروى موسى بن جعفر، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، قال علي ﵇: من اقتراب الساعة ظهور البواسير وموت الفجاءة.
[فصل]
إن قيل: ثبت أن النبي ﷺ سأل جبريل عن الساعة فقال: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل» الحديث، فهذا يدل على أنه لم يكن عنده علم، ورويتم عنه أنه قال:«بعثت أنا والساعة كهاتين» وهذا يدل على أنه كان عالما، فكيف يتألف الخبران؟
قيل له: قد نطق القرآن بقوله الحق: ﴿قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي﴾ [الأعراف: ١٨٧] الآية، فلم يكن يعلمها هو ولا غيره، وأما قوله:«بعثت أنا والساعة كهاتين» فمعناه أنا النبي الأخير فلا يليني نبي آخر، وإنما تليني القيامة كما تلي السبابة الوسطى، وليس بينهما إصبع أخرى، وهذا لا يوجب أن يكون له علم بالساعة نفسها، وهي مع ذلك كائنة، لأن أشراطها متتابعة، وقد ذكر الله الأشراط في القرآن فقال: ﴿فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها﴾ [محمد: ١٨] أي: دنت، وأولها النبي ﷺ لأنه نبي آخر الزمان، وقد بعث وليس بينه وبين القيامة نبي، ثم بين ﷺ ما يليه من الأشراط فقال:«أن تلد الأمة ربتها» إلى غير ذلك مما سنذكره ونبينه بحول الله تعالى في أبواب إن شاء الله تعالى.