للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويولي الناس مدبرين، ينادى بعضهم بعضا، وهي التي يقول ﷿: ﴿يَوْمَ التَّنادِ * يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ ما لَكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ عاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ﴾ [غافر: ٣٢، ٣٣] فبينما هم على ذلك إذ تصدعت الأرض من قطر إلى قطر، ورأوا أمرا عظيما لم يروا مثله، فيأخذهم من ذلك من الكرب والهول ما الله به عليم، ثم ينظرون إلى السماء؛ فإذا هي كالمهل ثم انشقت وانخسف شمسها وقمرها، وانتثرت نجومها، ثم كشطت السماء عنهم، ثم قال رسول الله : «والموتى لا يعلمون شيئا من ذلك». قلت: يا رسول الله فمن استثنى الله ﷿، حين يقول: ﴿فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ﴾؟ قال: «أولئك هم الشهداء عند ربّهم يرزقون، إنما يصل الفزع إلى الأحياء، يقيهم الله شر ذلك اليوم ويؤمنهم منه، وهو عذاب يلقيه الله على شرار خلقه، وهو الذي يقول الله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اِتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ [الحج: ١] أي: شديد، فتمكثون في ذلك ما شاء الله إلاّ أنه يطول عليهم كأطول يوم، ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ نفخة الصعق» (١). الحديث بطوله وقد تقدم وسطه وهذا آخره.

[فصل]

هذا الحديث ذكره الطبري والثعلبي وصحّحه ابن العربي في سراج المريدين.

وقال: «يوم الزلزلة وهو الاسم الثاني عشر، يكون عند النفخة الأولى، بهذا الحديث الصحيح الواحد المفرد».

ولما نبأ النبي بذكر الزلزلة التي تكون عند النفخة الأولى ذكر ما يكون في ذلك اليوم من الأهوال العظام التي يعظمها قوله: ﴿شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ ومن فزعها ما لا تطيق حمله النفوس، وهو قوله لآدم: «ابعث بعث النار» (٢) فيكون ذلك في أثناء ذلك اليوم، ولا يقتضي أن يكون ذلك متصلا بالنفخة الأولى التي يشيب فيها الوليد، وتضع الحوامل، وتذهل المراضع، ولكن يحتمل أمرين:

أحدهما: أن يكون آخر الكلام منوطا بأوله، تقديره: يقال لآدم: ابعث بعث النار أثناء يوم يشيب فيه الوليد، وتضع الحوامل، وتذهل المراضع من أوله.

الثاني: أن شيب الوليد، ووضع الحوامل، وذهول المراضع؛ يكون في


(١) خبر منكر؛ أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٥/ ٣٢).
وقال الحافظ ابن كثير في «تفسيره» (٢/ ٢٠٣): «هذا حديث مشهور، وهو غريب جدا … ». وانظر بقية كلامه هناك.
وقال العلامة أحمد شاكر في «عمدة التفسير» (٥/ ٥٢): «هو حديث ظاهر النكارة».
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٤٨) وفي غيرها من المواضع، ومسلم (٢٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>