للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البعض والبعض في الظلمات مع قرب المكان، وازدحام الناس، ويكون أحدهم يغرق في عرقه حتى يلجمه، أو يبلغ منه عرقه ما شاء الله، جزاء لسعيه في الدنيا والآخرة في ظل العرش على قرب المكان والمجاورة، كذلك كانوا في الدنيا يمشي المؤمن بنور إيمانه في الناس، والكافر في ظلام كفره، والمؤمن في وقاية الله وكفايته، والكافر والعاصي في خذلان الله لهما وعدم العصمة، والمؤمن السنّي يكرع في سنة رسول الله ، ويروي ببرد اليقين، ويمشي في سبل الهداية بحسن الاقتداء، والمبتدع عطشان، إلى ما روي المؤمن به، حيران لا يشعر سالك في مسالك ضلالات البدع وهو لا يدري، كذلك في الوجود الأعمى لا يجد نور بصر البصير، ولا ينفعه دواء، إنما هي بواطن ظهرت وظواهر بطنت، فتشعر لذلك وتفطن واستعن بالله يعنك، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

وقال أبو حامد: «واعلم أن كل عرق لم يخرجه التعب في سبيل الله من حج وجهاد وصيام وقيام، وتردد في قضاء حاجة مسلم، وتحمّل مشقّة في أمر بمعروف أو نهي عن منكر؛ فسيخرجه الحياء والخوف في صعيد القيامة، ويطول فيه الكرب، ولو سلم ابن آدم من الجهل والغرور، لعلم أنّ تعب العارف في تحمّل مصاعب الدنيا أهون أمرا وأقصر زمانا من عرق الكرب والانتظار في القيامة، فإنه يوم عظيم شديد طويل مدته».

وذكر أبو نعيم عن أبي حازم أنه قال: «لو نادى مناد من السماء أمن أهل الأرض من دخول النار لحقّ عليهم الوجل من هول ذلك الموقف ومعاينة ذلك اليوم».

***

[٨٦ - باب ما ينجي من أهوال يوم القيامة ومن كربها]

(مسلم) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «من نفّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة» (١). وذكر الحديث.

وخرج الترمذي الحكيم في «نوادر الأصول» قال: حدّثنا أبي قال:

حدّثنا عبد الله بن نافع قال: حدّثني ابن أبي فديك، عن عبد الرحمن بن أبي عبد


(١) أخرجه مسلم (٢٦٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>