للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١٠٢ - باب ما جاء في سؤال الله تعالى الأنبياء وفي شهادة هذه الأمة للأنبياء على أممهم]

قال الله تعالى: ﴿فَلَنَسْئَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْئَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ * فَلَنَقُصَّنَّ عَلَيْهِمْ بِعِلْمٍ وَما كُنّا غائِبِينَ﴾ [الأعراف: ٦، ٧]، وقال: ﴿فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ﴾. فيبدأ بالأنبياء ﴿فَيَقُولُ ماذا أَجَبْتُمُ﴾ [القصص: ٦٥] قيل في تفسيرها: كانوا قد علموا ولكن ذهبت عقولهم وعزبت أفهامهم ونسوا من شدة الهول وعظيم الخطب وصعوبة الأمر فقالوا: ﴿لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ﴾ [المائدة: ١٠٩] ثم يقربهم الله تعالى فيدعى نوح ، ويقال: إن الهيبة تأخذ بمجامع قلوبهم فيذهلون عن الجواب. ثم إن الله يثبتهم ويحدث لهم ذكرا فيشهدون بما أجابت به أممهم ويقال: إنما قالوا ذلك تسليما كما فعل المسيح في قوله: ﴿عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاّمُ الْغُيُوبِ﴾ [المائدة: ١١٦] والأول أصح لأن الرسل يتفاضلون، والمسيح من أجلّهم لأنه كلمة الله وروحه، قاله أبو حامد.

وخرّج ابن ماجه؛ حدّثنا أبو كريب وأحمد بن سنان قالا: حدّثنا معاوية، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال: قال رسول الله : «يجيء النبيّ يوم القيامة ومعه الرجل، ويجيء النبي ومعه الرجلان، ويجيء النبي ومعه الثلاثة، وأكثر من ذلك، فيقال له: هل بلغت قومك؟ فيقول: نعم. فيدعى قومه فيقال: هل بلغكم فيقولون: لا. فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته فتدعى أمة محمد فيقال:

هل بلغ هذا؟ فيقول: نعم. فيقول: وما علمكم بذلك؟ فيقولن: أخبرنا نبينا بذلك أن الرسل قد بلغوا فصدقناه». قال: فذلك قوله تعالى: ﴿وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾ (١) [البقرة: ١٤٣].

وذكره البخاري أيضا بمعناه عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله :

يدعى نوح يوم القيامة فيقول: لبيك وسعديك يا رب فيقول: هل بلغت؟ فيقول:

نعم فيقال لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير. فيقول: من يشهد لك؟


(١) أخرجه ابن ماجه (٤٢٨٢) وهو في «صحيح سنن ابن ماجه» (٣٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>