للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يشفعون له، والوقوف على القبر لسؤال التثبيت مدد للعسكر وتلك ساعة شغل للميت، لأنه يستقبله هول المطلع، وسؤال وفتنة فتّاني القبر - على ما يأتي -. والجزور بفتح الجيم من الإبل، والجزرة من الضأن والمعزة خاصة. قاله في «الصحاح».

[فصل]

قول عمرو بن العاص : «فإذا أنا متّ فلا تصحبني نائحة ولا نار»، توصية منه باجتناب هذين الأمرين، لأنهما من عمل الجاهلية، ولنهي النبي .

قال العلماء: ومن ذلك الضجيج بذكر الله أو بغير ذلك حول الجنائز، والبناء على المقابر، والاجتماع في الجبانات والمساجد للقراءة وغيرها، لأجل الموتى، وكذلك الاجتماع إلى أهل الميت، وصنعة الطعام، والمبيت عندهم.

كل ذلك من أمر الجاهلية، ونحو منه الطعام الذي يصنعه أهل الميت اليوم في يوم السابع، فيجتمع له الناس يريدون بذلك القربة للميت والترحّم عليه، وهذا محدث لم يكن فيما تقدم، ولا هو مما يحمده العلماء، قالوا: وليس ينبغي للمسلمين أن يقتدوا بأهل الكفر، وينهى كل إنسان أهله عن الحضور لمثل هذا وشبهه من لطم الخدود، ونشر الشعور، وشق الجيوب، واستماع النوح، وكذلك الطعام الذي يصنعه أهل الميت - كما ذكرنا - فيجتمع عليه النساء والرجال من فعل قوم لا خلاق لهم.

وقال أحمد بن حنبل: هو من فعل الجاهلية، قيل له: أليس قد قال النبي : «اصنعوا لآل جعفر طعاما» (١) فقال: لم يكونوا هم اتخذوا، إنما اتّخذ لهم.

فهذا كله واجب على الرجل أن يمنع أهله منه، ولا يرخّص لهم، فمن أباح ذلك لأهله فقد عصى الله ﷿، وأعانهم على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: ﴿قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً﴾ [التحريم: ٦] قال العلماء: معناه أدّبوهم وعلّموهم.

وروى ابن ماجه في «سننه» عن جرير بن عبد الله البجلي، قال: «كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام من النياحة» (٢).

وفي حديث شجاع بن مخلد قال: «كانوا يرون»، إسناده صحيح. وذكر الخرائطي عن هلال بن جناب قال: «الطعام على الميت من أمر الجاهلية».

وخرّج الآجري عن أبي موسى قال: ماتت أخت لعبد الله بن عمر، فقلت لامرأتي: اذهبي فعزّيهم، وبيتي عندهم، فقد كان بيننا وبين آل عمر الذي كان.


(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٠٥) وأبو داود (٣١٣٢) وابن ماجه (١٦١٠) وغيرهم، وهو حديث صحيح.
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٦١٢) وهو في «صحيح سنن ابن ماجه» برقم (١٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>