للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعلق الروح بالبدن ومفارقته وحيلولة بينهما، وتبدّل حال، وانتقال من دار إلى دار، وهو من أعظم المصائب، وقد سمّاه الله تعالى مصيبة، في قوله: ﴿فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾ [المائدة: ١٠٦]. فالموت هو المصيبة العظمى، والرزيّة الكبرى، قال علماؤنا: وأعظم منه الغفلة عنه، والإعراض عن ذكره، وقلة التفكر فيه، وترك العمل له، وإن فيه وحده لعبرة لمن اعتبر، وفكرة لمن تفكّر، وفي خبر يروى عن النبي : «لو أن البهائم تعلم من الموت ما تعلمون ما أكلتم منها سمينا» (١).

ويروى أن أعرابيّا كان يسير على جمل له، فخرّ الجمل ميتا، فنزل الأعرابي عنه، وجعل يطوف به ويتفكّر فيه ويقول: ما لك لا تقوم؟ ما لك لا تنبعث؟ هذه أعضاؤك كاملة، وجوارحك سالمة! ما شأنك؟ ما الذي كان يحملك؟ ما الذي كان يبعثك؟ ما الذي صرعك؟ ما الذي عن الحركة منعك؟ ثم تركه وانصرف متفكّرا في شأنه، متعجبا من أمره.

وأنشدوا في بعض الشجعان مات حتف أنفه:

جاءته من قبل المنون إشارة … فهوى صريعا لليدين وللفم

ورمى بمحكم درعه وبرمحه … وامتدّ ملقى كالفتيق الأعظم

لا يستجيب لصارخ إن يدعه … أبدا ولا يرجى لخطب معظم

ذهبت بسالته ومرّ غرامه … لما رأى حبل المنيّة يرتمي

يا ويحه من فارس ما باله … ذهبت مروّته ولما يكلم

هذي يداه وهذه أعضاؤه … ما منه من عضو غدا بمثلم

هيهات ما حبل الردى محتاجة … للمشرفيّ ولا اللسان اللهذم


(١) أخرجه وكيع بن الجراح في «الزهد» (٢٨٥/ ٦٣/١) من طريق: خالد بن طهمان؛ أبو العلاء، عن عبد الملك بن عمير قال: قال رسول الله : فذكره.
وإسناده ضعيف لإرساله، وعبد الملك بن عمير؛ ثقة، لكنه تغير حفظه، وربما دلّس.
وأخرجه ابن المبارك في «الزهد» (زيادات نعيم بن حماد) رقم (١٥٢) عن الحسن بن صالح بلاغا.
وأخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (٣٥٣/ ١٠٥٥٧/٧) والقضاعي في «مسند الشهاب» (١٤٣٤) من طريق: محمد بن إسماعيل، حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن أم حبيبة الجهنية، قالت: فذكرته مرفوعا.
وإسناده ضعيف جدا؛ محمد بن إسماعيل الجعفري؛ متروك، وعبد الله بن مسلمة؛ منكر الحديث.
وقال العلاّمة الألباني في «ضعيف الجامع الصغير» (٤٨١٣): «ضعيف جدا».

<<  <  ج: ص:  >  >>