للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحدث القوم إذ جاء أعرابي فقال: متى الساعة؟ فمضى رسول الله في حديثه، فقال بعد القوم: سمع ما قال، فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع ما قال، حتى إذا قضى حديثه قال: «أين السائل عن الساعة؟» قال: ها أنا ذا يا رسول الله قال: «إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة» قال: وكيف إضاعتها؟ قال: «إذا وسّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة» (١).

قال الحافظ أبو الخطاب بن دحية : الرواية الصحيحة عند جميع رواة البخاري: إذا وسّد، ورواه الفقيه الإمام المحدث أبو الحسن القابسي: أسّد قال:

والذي أحفظ وسّد، وفي نسخة من البخاري إشكال بين وسّد أو أسّد على ما قيد له، لأنه كان أعمى، وهما بمعنى، قال أهل اللغة: يقال إساد ووساد واشتقاقهما واحد، يقال: إساد ووسادة ووساد، فمعنى قوله : «إذا وسد الأمر إلى غير أهله» أي: أسند وجعل إليهم وقلدوه بمعنى الإمارة كما في زماننا اليوم، لأن الله تعالى ائتمن الأئمة والولاة على عباده وفرض عليهم النصيحة لهم، لقوله : «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» (٢). فينبغي لهم تولية أهل الدين والأمانة للنظر في أمور الأمة، فإذا قلّدوا غير أهل الدين فقد ضيّعوا الأمانة التي فرض الله عليهم.

وخرج مسلم من حديث جبريل الطويل وفيه قال: «أخبرني عن الساعة قال: ما المسؤول عنها بأعلم من السائل. قال: فأخبرني عن أماراتها؟ قال: أن تلد الأمة ربّتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاة يتطاولون في البنيان».

وفي رواية: «إذا رأيت المرأة تلد ربّها فذاك من أشراطها وإذا رأيت الحفاة العراة الصمّ البكم ملوك الأرض فذاك من أشراطها».

(الترمذي) عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله : «لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع ابن لكع» (٣). قال: حديث حسن غريب، إنما نعرفه من حديث عمرو بن أبي عمرو.

وخرج الغيلاني أبو طالب محمد؛ حدّثنا أبو بكر والشافعي، حدثنا موسى بن سهل بن كثير، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عبد الملك بن قدامة، عن المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي قال: «سيأتي على الناس سنوات خدّاعات، يصدّق فيها الكاذب ويكذّب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخوّن فيها


(١) أخرجه البخاري (٥٩).
(٢) أخرجه البخاري (٨٩٣) ومسلم (١٨٢٩).
(٣) أخرجه الترمذي (٢٢٠٩)، وصححه الألباني.

<<  <  ج: ص:  >  >>