للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلها أربعة أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان» (١). وذكر الحديث.

وفي حديث ابن مسعود «سدرة المنتهى: صبر الجنة». قال أبو عبيدة:

صبرها: أعلاها، وكذلك صبر كل شيء أعلاه، والجمع: أصبار.

قال النّمر بن تولب يصف روضة:

عزبت وباكرها الربيع بديمة … وطفاء تملؤها إلى أصبارها

يعني: إلى أعاليها، وهي جماعة للصبر. وقال الأحمر: الصبر جانب الشيء، لغتان: صبر، وبصر، كما قالوا: جبذ وجذب، وقال أبو عبيد: - وقول أبي عبيدة أعجب - إلى أن يكون في أعلاها من أن يكون في جانبها.

(ابن المبارك) قال: حدّثنا صفوان، عن سليم بن عامر قال: كان أصحاب النبي يقولون: إنه لتنفعنا الأعراب ومسائلهم، قال: أقبل أعرابي يوما، فقال:

يا رسول الله؛ لقد ذكر الله في القرآن شجرة مؤذية، وما كنت أرى في الجنة شجرة تؤذي صاحبها؟ قال رسول الله : «وما هي»؟ قال: السدر؛ فإن له شوكا مؤذيا.

فقال رسول الله : «أوليس يقول الله تعالى: ﴿فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ﴾ [الواقعة: ٢٨]؟ يخضد شوكه، فيجعل مكان كل شوكة ثمرة، فإنها تنبت ثمرا، تفتق الثمرة منها على اثنين وسبعين لونا طعام، ما في لون يشبه الآخر» (٢). ويروى التمر بالتاء باثنين فيها كلها، قاله أبو محمد عبد الحق.

وذكر عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عمرو بن يزيد البكالي، عن عتبة بن عبد السّلمي قال: جاء أعرابي إلى النبي فسأله عن الجنة، وذكر له الحوض، فقال: فيها فاكهة؟ قال: «نعم؛ فيها شجرة تدعى طوبى» قال: يا رسول الله؛ أي شجر أرضنا يشبهه؟ قال: «لا يشبهه شيء من شجر أرضك، أأتيت الشام؟ هنالك شجرة تدعى الجوزة، تنبت على ساق وتفرش أعلاها. قال: يا رسول الله؛ فما أعظم أصلها؟ قال: «لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحاطت بأصلها حتى تتكسّر ترقوتها هرما» قال: فهل فيها عنب؟ قال: «نعم» قال: فما عظم العنقود منها؟ قال: «مسيرة الغراب شهرا لا يقع ولا يفتر». قال: فما عظم الحبة منها؟ قال: «أما عمد أبواك وأهلك إلى جذعة فذبحوها وسلخ إهابها، فقال:

افروا لنا منها دلوا»؟ فقال: يا رسول الله؛ إن تلك الحبة لتشبعني وأهل بيتي؟ قال:


(١) أخرجه البخاري (٣٢٠٧) ومسلم (١٦٤).
(٢) أخرجه ابن المبارك في زوائد «الزهد» (٢٦٣) هكذا مرسلا ومن طريقه ابن أبي الدنيا في «صفة الجنة» (٣١٦) وأخرجه الحاكم (٢/ ٤٧٦) والبيهقي في «البعث والنثور» (٢٧٦) عن أبي أمامه مرفوعا. وإسناده جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>