للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم: هلم. فقلت: إلى أين؟ قال: إلى النار والله قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدّوا على أدبارهم، فلا أراه يخلص منهم لا مثل همل النعم» (١).

قلت: فهذا الحديث مع صحته أدل دليل على أن الحوض يكون في الموقف قبل الصراط، لأن الصراط إنما هو جسر على جهنم ممدود يجاز عليه فمن جازه سلم من النار على ما يأتي. وكذا حياض الأنبياء تكون أيضا في الموقف على ما يأتي. وروي عن ابن عباس قال سئل رسول الله عن الوقوف بين يدي الله تعالى هل فيه ماء؟ قال: «أي والذي نفسي بيده إن فيه لماء وإن أولياء الله تعالى ليردون حياض الأنبياء ويبعث الله سبعين ألف ملك بأيديهم عصيّ من نار يذودون الكفار عن حياض الأنبياء».

(مسلم) عن أبي ذر قال: قلت يا رسول الله ما آنية الحوض؟ قال: «والذي نفس محمد بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء وكواكبها في الليلة المظلمة المصحية، آنية الجنة من شرب منها لم يظمأ، آخر ما عليه يشخب، فيه ميزابان من الجنة من شرب منه لم يظمأ، عرضه مثل طوله، ما بين عمان إلى أيلة ماؤه أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل» (٢).

وعن ثوبان أن رسول الله قال: «إني لبعقر حوضي أذود الناس لأهل اليمين أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم» فسئل عن عرضه فقال: «من مقامي إلى عمان».

وسئل عن شرابه فقال: «أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل، يغت فيه ميزابان من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق» (٣). في غير كتاب مسلم: «يعب فيه ميزابان من الكوثر» الحديث. وفي أخرى: «ما يبسط أحد منكم يده إلا وقع عليه قدح».

(مسلم) عن أنس قال: بينما رسول الله ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة، ثم رفع رأسه متبسما فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: «نزلت عليّ آنفا سورة فقرأ: ﴿إِنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَاِنْحَرْ * إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ﴾ [الكوثر: ١ - ٣] ثم قال: أتدرون ما الكوثر؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد النجوم، فيختلج العبد منهم فأقول: يا رب إنه من أمتي، فيقال ما تدري ما أحدث بعدك» (٤) وفي رواية أخرى «ما أحدث».


(١) أخرجه البخاري (٦٥٨٧).
(٢) أخرجه مسلم (٢٣٠٠).
(٣) أخرجه مسلم (٢٣٠١).
(٤) أخرجه مسلم (٢٣٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>