وقال جابر: سألت أبا جعفر محمد بن علي عن قول الله تعالى: ﴿يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ﴾ [إبراهيم: ٤٨] قال: تبدّل خبزة يأكل منها الخلق يوم القيامة. ثم قرأ ﴿وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ﴾ [الأنبياء: ٨].
وقال سعيد بن جبير ومحمد بن كعب:«تبدل الأرض خبزة بيضاء يأكل المؤمن من تحت قدميه».
قلت: وهذا المعنى الذي قاله سعيد بن جبير ومحمد بن كعب، مروي في الصحيح وسيأتي.
وإليه ذهب ابن برجان في كتاب «الإرشاد» له. وأن المؤمن يطعم يومئذ من بين رجليه، ويشرب من الحوض.
فهذه أقوال الصحابة والتابعين دالة على ما ذكرنا.
وأما تبديل السماء فقيل: تكوير شمسها وقمرها وتناثر نجومها؛ قاله ابن عباس. وقيل: اختلاف أحوالها فتارة كالمهل، وتارة كالدهان. حكاه ابن الأنباري. وقال كعب: تصير السماء دخانا، وتصير البحار نيرانا. وقيل تبديلها: أن تطوى كطيّ السجل للكتاب.
وذكر أبو الحسن شبيب بن إبراهيم بن حيدرة في كتاب «الإفصاح» له: أنه لا تعارض بين هذه الآثار، وأن الأرض والسموات تبدل كرتين، إحداهما: هذه الأولى، وأنه سبحانه يغير صفاتها قبل نفخة الصعق، فتنتثر أولا كواكبها، وتكسف شمسها وقمرها، وتصير كالمهل، ثم تكشط عن رؤوسهم، ثم تسير الجبال ثم تموج الأرض، ثم تصير البحار نيرانا، ثم تنشق الأرض من قطر إلى قطر، فتصير الهيئة غير الهيئة، والبنية غير البنية، ثم إذا نفخ في الصور نفخة الصعق طويت السماء، ودحيت الأرض، وبدلت السماء سماء أخرى، وهو قوله تعالى: ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها﴾ [الزمر: ٦٩]. وبدلت الأرض: تمد مد الأديم العكاظي، وأعيدت كما كانت فيها القبور، والبشر على ظهرها وفي بطنها، وتبدل أيضا تبديلا ثانيا؛ وذلك إذا وقفوا في المحشر، فتبدل لهم الأرض التي يقال لها الساهرة يحاسبون عليها، وهي أرض عفراء، وهي البيضاء من فضة لم يسفك عليها دم حرام قط، ولا جرى عليها ظلم قط، وحينئذ يقوم الناس على الصراط وهو لا يسع جميع الخلائق، وإن كان قد روي أن مسافته ألف سنة صعودا، وألف سنة هبوطا، وألف سنة استواء، ولكن الخلق أكثر من ذلك، فيقوم من فضل على الصراط، على