رضخت؛ عادت كما كانت، لا يفتر عنهم شيء من ذلك. فقال: يا جبريل! من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة. قال: ثم أتى على قوم على إقبالهم رقاع، وعلى أدبارهم رقاع. قال: يسرحون كما تسرح الأنعام الضريع والزقوم، ورضف جهنم وحجارتها. قال: ما هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم، وما ظلمهم الله، وما الله بظلام للعبيد، ثم أتى على قوم بين أياديهم لحم في قدر نضيج، ولحم آخر خبيث، فجعلوا يأكلون من الخبيث ويدعون النضيج الطيب، فقال: يا جبريل! من هؤلاء؟ قال: هذا الرجل يقوم وعنده امرأة حلالا طيبا، فيأتي المرأة الخبيثة فيبيت معها حتى يصبح. ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر بها شيء إلاّ قصفته، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال يقول الله ﷿: ﴿وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ﴾ [الأعراف: ٨٦] ثم مرّ على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يريد أن يزيد عليها، قال: يا جبريل! ما هذا؟ قال: هذا رجل من أمتك عليه أمانة لا يستطيع أداءها، وهو يزيد عليها. ثم أتى على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت كما كانت، ولا يفتر عنهم شيء من ذلك، قال: يا جبريل! من هؤلاء؟ قال: هؤلاء خطباء الفتنة، ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم، فجعل الثور يريد أن يدخل من حيث خرج ولا يستطيع، قال: ما هذا يا جبريل؟ قال:«هذا الرجل يتكلم الكلمة فيندم عليها، فيريد أن يردّها فلا يستطيع»(١). وذكر الحديث.
وخرّج من حديث أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي ﷺ أنه قال له أصحابه: يا رسول الله! أخبرنا عن ليلة أسري بك (الحديث) وفيه قال:
«فصعدت أنا وجبريل فإذا بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا، وبين يديه سبعون ألف ملك، مع كل ملك جنده مائة ألف ملك»، قال: وقال الله تعالى: ﴿وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاّ هُوَ﴾ [المدثر: ٣١] فاستفتح جبريل. ثم قال: فإذا أنا بآدم كهيئته يوم خلقه الله على صورته تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين فيقول روح طيبة، ونفس طيبة، اجعلوها في عليين، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الكافرين، فيقول: روح خبيثة، ونفس خبيثة، اجعلوها في سجّين، ثم مضيت هنيهة فإذا أنا بأخونة - يعني بالخوان المائدة التي يؤكل عليها - وعليها لحم مشرح ليس يقربها أحد، وإذا أنا بأخونة أخرى عليها لحم قد أروح وأنتن، عندها ناس يأكلون منها. قلت: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام، قال: ثم